للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَلَى غَيْرِهِ

وَلَا تُبَاعُ رَقَبَةُ الْمَأْذُونِ فِيمَا عَلَيْهِ وَلَا يُتَّبَعُ بِهِ سَيِّدُهُ

وَيُحْبَسُ الْمِدْيَانُ لِيُسْتَبْرَأَ وَلَا حَبْسَ عَلَى مُعْدِمٍ

وَمَا

ــ

[الفواكه الدواني]

عَلَيْهِ مَلِيًّا، أَوْ يَكُونُ ضَمِنَ فِي الْحَالَاتِ السِّتِّ وَهِيَ: الْمِلَاءُ وَالْعُدْمُ وَالْغَيْبَةُ وَالْحُضُورُ وَالْحَيَاةُ وَالْمَوْتُ، وَأَنْ لَا يَكُونَ مُلْدًا، وَأَنْ يَكُونَ مَنْ لَا تَأْخُذُهُ الْأَحْكَامُ وَإِلَّا غَرِمَ مَعَ وُجُودِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّمُ مَلِيًّا.

ثُمَّ أَشَارَ إلَى بَقِيَّةِ مَسَائِلِ الْفَلَسِ بِقَوْلِهِ: (وَيَحِلُّ بِمَوْتِ الْمَطْلُوبِ) أَيْ الْغَرِيمِ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ (أَوْ تَفْلِيسِهِ كُلُّ دَيْنٍ عَلَيْهِ) قَالَ خَلِيلٌ: وَحَلَّ بِهِ وَبِالْمَوْتِ مَا أُجِّلَ وَلَوْ دَيْنَ كِرَاءٍ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مُقَيَّدٌ بِقَيْدَيْنِ، أَحَدُهُمَا: أَنْ لَا يَكُونَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ قَتَلَهُ صَاحِبُ الدَّيْنِ، وَإِلَّا لَمْ يَحِلَّ مَا عَلَيْهِ لِاتِّهَامِ صَاحِبِ الدَّيْنِ بِقَتْلِهِ عَلَى قَصْدِ اسْتِعْجَالِهِ الْحُلُولَ.

وَثَانِيهِمَا: أَنْ لَا يَكُونَ مَنْ عَلَيْهِ شَرَطَ عَدَمَ حُلُولِهِ بِمَوْتِهِ أَوْ فَلَسِهِ وَإِلَّا عُمِلَ بِالشَّرْطِ، وَالْمُرَادُ بِالْفَلَسِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حُكْمُ الْحَاكِمِ بِخَلْعِ كُلِّ مَا عَلَيْهِ وَهُوَ الْفَلَسُ الْأَخَصُّ، لَا مُجَرَّدُ قِيَامِ الْغُرَمَاءِ فَلَا يَحِلُّ بِهِ مَا أَحَلَّ، وَأَشَارَ إلَى مَفْهُومِ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (وَلَا يَحِلُّ) بِمَوْتِهِ أَوْ فَلَسِهِ كُلُّ (مَا كَانَ لَهُ) مِنْ الدُّيُونِ الْمُؤَجَّلَةِ (عَلَى غَيْرِهِ) لِبَقَاءِ ذِمَّةِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ، فَلَوْ شَرَطَ صَاحِبُ الْحَقِّ حُلُولَهُ بِمَوْتِهِ عَلَى مَنْ هُوَ عَلَيْهِ فَاسْتَظْهَرَ بَعْضُ الشُّيُوخِ الْعَمَلَ بِالشَّرْطِ حَيْثُ كَانَ غَيْرَ وَاقِعٍ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ وَإِلَّا أَفْسَدَ الْبَيْعَ لِأَدَائِهِ إلَى الْأَجَلِ الْمَجْهُولِ، وَلَمَّا كَانَ الرَّقِيقُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ كَالْحُرِّ فِي جَوَازِ تَفْلِيسِهِ وَالْحُكْمِ عَلَيْهِ بِبَيْعِ جَمِيعِ مَا يَمْلِكُهُ مِمَّا بِيَدِهِ وَلَوْ كُتُبًا أَوْ عَقَارًا

قَالَ: (وَلَا تُبَاعُ رَقَبَةُ الْمَأْذُونِ لَهُ) فِي التِّجَارَةِ (فِيمَا عَلَيْهِ) مِنْ الدُّيُونِ عِنْدَ تَفْلِيسِهِ (وَلَا يُتَّبَعُ بِهِ سَيِّدُهُ) وَإِنَّمَا يُقْضَى الدَّيْنُ الَّذِي عَلَيْهِ مِمَّا لَهُ سَلَاطَةٌ عَلَيْهِ كَانَ بِيَدِهِ أَمْ لَا.

قَالَ خَلِيلٌ: وَالْحَجْرُ عَلَيْهِ كَالْحُرِّ وَأَخَذَ مِمَّا بِيَدِهِ وَإِنْ مُسْتَوْلَدَتَهُ كَعَطِيَّتِهِ، وَهَلْ إنْ مُنِحَ لِلدَّيْنِ أَوْ مُطْلَقًا تَأْوِيلَانِ لَا غَلَّتَهُ وَرَقَبَتَهُ، وَالْمُرَادُ الْغَلَّةُ الْحَاصِلَةُ بَعْدَ الْإِذْنِ، وَأَمَّا الَّتِي كَانَتْ بِيَدِهِ قَبْلَ الْإِذْنِ فَيَتَعَلَّقُ بِهَا الدَّيْنُ، وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِ خَلِيلٍ: كَالْحُرِّ أَنَّهُ لَا يُفَلِّسُهُ إلَّا الْحَاكِمُ لَا الْغُرَمَاءُ وَلَا السَّيِّدُ، وَيُقْبَلُ إقْرَارُهُ لِمَنْ لَا يَتَّهِمُ عَلَيْهِ قَبْلَ التَّفْلِيسِ لَا بَعْدَهُ، وَمَحَلُّ عَدَمِ اتِّبَاعِ السَّيِّدِ بِمَا عَلَى الْمَأْذُونِ مَا لَمْ يَكُنْ قَالَ لِلْغُرَمَاءِ: عَامِلُوهُ وَجَمِيعُ مَا عَامَلْتُمُوهُ بِهِ عَلَيَّ، وَإِلَّا أُتْبِعَ لِكَوْنِهِ يَصِيرُ ضَامِنًا.

(تَنْبِيهٌ) كَمَا لَا تُبَاعُ رَقَبَةُ الْمَأْذُونِ فِيمَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهَا مَمْلُوكَةٌ لِسَيِّدِهِ، كَذَلِكَ وَلَدُهُ مِنْ أَمَتِهِ لَا يُبَاعُ؛ لِأَنَّهُ مِلْكٌ لِسَيِّدِهِ كَرَقَبَةِ أَبِيهِ لَا حَقَّ لِلْغُرَمَاءِ فِيهَا، وَلِذَا لَوْ قَامَتْ الْغُرَمَاءُ عَلَيْهِ قَبْلَ وَضْعِ أَمَتِهِ أَخَّرَ بَيْعَهَا حَتَّى تَضَعَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاؤُهُ فِي الْبَيْعِ، وَمَا عَجَزَ الْمَأْذُونُ عَنْ وَفَائِهِ مِنْ الدُّيُونِ يُتْبَعُ بِهِ إنْ عَتَقَ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَيْسَ لَهُ إسْقَاطُهُ عَنْهُ، بِخِلَافِ غَيْرِ الْمَأْذُونِ إنْ أَخَذَ مِنْ أَحَدٍ شَيْئًا مِنْ غَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَاطَّلَعَ عَلَيْهِ قَبْلَ عِتْقِهِ فَلَهُ أَنْ يُسْقِطَهُ عَنْهُ وَلَا يُتْبَعُ بِهِ إنْ عَتَقَ، كَالْمَأْذُونِ يَأْخُذُ شَيْئًا غَيْرَ الْمَأْذُونِ فِيهِ فَإِنَّ لِسَيِّدِهِ إسْقَاطُهُ عَنْهُ، وَمَا لَمْ يُسْقِطْهُ السَّيِّدُ مِمَّا لَهُ إسْقَاطُهُ يُتْبَعُ بِهِ الرَّقِيقُ بَعْدَ عِتْقِهِ

وَلَمَّا كَانَ الْغَرِيمُ الَّذِي قَامَتْ عَلَيْهِ الْغُرَمَاءُ لَهُ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ: الْأُولَى أَنْ يُجْهَلَ حَالُهُ فَهَذَا يُحْبَسُ إنْ طَالَبَهُ الْغُرَمَاءُ وَادَّعَى عَدَمَ الْمَالِ وَأَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (وَيُحْبَسُ الْمِدْيَانُ) الْمَجْهُولُ الْحَالِ إذَا ادَّعَى الْعَدَمَ وَغَايَةُ الْحَبْسِ (لِيَسْتَبِينَ أَمْرُهُ) بِإِثْبَاتِ عُسْرِهِ وَمَحَلُّ حَبْسِهِ مَا لَمْ يَسْأَلْ الصَّبْرَ وَالتَّأْخِيرَ إلَى إثْبَاتِ عُسْرِهِ وَإِلَّا أُخِّرَ بِحَمِيلٍ وَلَوْ بِوَجْهِهِ.

قَالَ خَلِيلٌ: حُبِسَ لِثُبُوتِ عُسْرِهِ إنْ جُهِلَ حَالُهُ، وَلَمْ يَسْأَلْ الصَّبْرَ لَهُ بِحَمِيلٍ بِوَجْهِهِ، وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ الْحَمِيلُ غَرِمَ مَا عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ عُسْرُهُ، وَثُبُوتُ عُسْرِهِ يَكُونُ بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ يَشْهَدَانِ أَنَّهُمَا لَا يَعْرِفَانِ لَهُ مَالًا ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا وَيَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ لَكِنْ عَلَى الْبَتِّ وَيَزِيدُ فِي يَمِينِهِ: وَإِنْ وَجَدْت الْمَالَ لَأَقْضِيَنَّهُ عَاجِلًا، وَإِنْ كُنْت مُسَافِرًا عَجَّلْت الْأَوْبَةَ، وَبَعْدَ الْحَلِفِ يَجِبُ إطْلَاقُهُ وَانْتِظَارُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: ٢٨٠] فَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ عُسْرُهُ وَطَالَ حَبْسُهُ فَإِنَّهُ يُطْلَقُ لَكِنْ بَعْدَ حَلِفِهِ أَنَّهُ لَا مَالَ عِنْدَهُ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَأُخْرِجَ الْمَجْهُولُ إنْ طَالَ حَبْسُهُ بِقَدْرِ الدَّيْنِ وَالشَّخْصِ، وَالْمُرَادُ بِالْمِدْيَانِ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ أَحَاطَتْ الدُّيُونُ بِمَالِهِ أَمْ لَا، سَوَاءٌ كَانَ ذَكَرًا أَمْ أُنْثَى، حُرًّا أَوْ عَبْدًا، إلَّا أَنَّ الذَّكَرَ يُحْبَسُ مَعَ الذُّكُورِ، وَالْأُنْثَى مَعَ النِّسَاءِ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَحَبْسُ النِّسَاءِ عِنْدَ أَمِينَةٍ خَالِيَةٍ وَذَاتِ أَمِينٍ وَالْخُنْثَى الْمُشْكِلُ، وَمِثْلُهُ الشَّابُّ الَّذِي يُخْشَى عَلَيْهِ يُحْبَسُ مُنْفَرِدًا، وَلَا يَجُوزُ وَضْعُ حَدِيدٍ وَنَحْوِهِ فِي عُنُقِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعْرُوفًا بِالْعَدَاءِ، وَالْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ مَعْلُومَ الْمَلَأِ وَأَلَدَّ بِدَفْعِ الْحَقِّ فَهَذَا يُسْجَنُ وَيُضْرَبُ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ حَتَّى يُؤَدِّيَ أَوْ يَمُوتَ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَإِنْ عُلِمَ بِالنَّاضِّ لَمْ يُؤَخِّرْ وَضُرِبَ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ، وَأَمَّا ظَاهِرُ الْمَلَأِ بِمُلَابَسَةِ الثِّيَابِ الْجَمِيلَةِ فَإِنْ تَفَالَسَ فَإِنَّهُ يُحْبَسُ حَتَّى يُؤَدِّيَ أَوْ يَثْبُتَ عُسْرُهُ، وَإِنْ وَعَدَ بِالْقَضَاءِ وَسَأَلَ تَأْخِيرًا كَالْيَوْمِ أَعْطَى حَمِيلًا بِالْمَالِ وَإِلَّا سُجِنَ، وَالْحَالَةُ وَالثَّالِثَةُ أَشَارَ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ: (وَلَا حَبْسَ) جَائِزٌ (عَلَى مُعْدِمٍ) ثَابِتِ الْعَدَمِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: ٢٨٠] ؛ لِأَنَّ حَبْسَهُ لَا يَحْصُلُ بِهِ فَائِدَةٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>