فَالْجَدُّ مُخَيَّرٌ فِي ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ يَأْخُذُ أَيَّ ذَلِكَ أَفْضَلَ لَهُ إمَّا مُقَاسَمَةُ الْإِخْوَةِ أَوْ السُّدُسُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ ثُلُثُ مَا بَقِيَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ غَيْرُ الْإِخْوَةِ فَهُوَ يُقَاسِمُ أَخًا أَوْ أَخَوَيْنِ أَوْ عَدْلَهُمَا أَرْبَعَ أَخَوَاتٍ فَإِنْ زَادُوا فَلَهُ الثُّلُثُ فَهُوَ يَرِثُ الثُّلُثَ مَعَ الْإِخْوَةِ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْمُقَاسَمَةُ أَفْضَلَ لَهُ، وَالْإِخْوَةُ لِلْأَبِ مَعَهُ فِي عَدَمِ الشَّقَائِقِ كَالشَّقَائِقِ
فَإِنْ اجْتَمَعُوا عَادَّهُ الشَّقَائِقُ
ــ
[الفواكه الدواني]
فَصَاعِدًا (تَنْبِيهٌ) فِي قَوْلِهِ: غَيْرُ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ بَعْضُ مُسَامَحَةٍ،؛ لِأَنَّ الْإِخْوَةَ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ إنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ السِّهَامِ، وَالْأَخَوَاتُ إذَا كُنَّ مَعَ الْجَدِّ إنَّمَا يَرِثْنَ بِالتَّعْصِيبِ إلَّا فِي الْأَكْدَرِيَّةِ.
قَالَ خَلِيلٌ: وَلَا يُفْرَضُ لِأُخْتِ مَعَهُ إلَّا فِي الْأَكْدَرِيَّةِ وَيُقَالُ لَهَا الْغَرَّاءُ، وَأَجَابَ بَعْضٌ عَنْ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مُنْقَطِعٌ؛ لِأَنَّ الْإِخْوَةَ وَالْأَخَوَاتِ لَيْسَتْ مِنْ أَهْلِ السِّهَامِ أَيْ الْفُرُوضِ.
وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى إرْثِ الْجَدِّ مَعَ غَيْرِ الْإِخْوَةِ شَرَعَ فِي إرْثِهِ مَعَهُمْ وَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يَجْتَمِعَ مَعَهُ إخْوَةٌ وَصَاحِبُ فَرْضٍ، وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ مَعَهُ مَحْضُ إخْوَةٍ، وَصَدَّرَ بِوَجْهِ اجْتِمَاعِهِ مَعَ الْإِخْوَةِ وَأَصْحَابِ السِّهَامِ بِقَوْلِهِ: (فَإِنْ كَانَ مَعَ أَهْلِ السِّهَامِ إخْوَةٌ) أَشِقَّاءُ أَوْ لِأَبٍ مَحْضٍ ذُكُورٌ أَوْ إنَاثٌ أَوْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا.
(فَالْجَدُّ مُخَيَّرٌ فِي ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ يَأْخُذُ أَيَّ ذَلِكَ أَفْضَلَ لَهُ) وَبَيَّنَ الثَّلَاثَةَ بِقَوْلِهِ: (إمَّا مُقَاسَمَةُ الْإِخْوَةِ أَوْ السُّدُسُ) يَأْخُذُهُ (مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ ثُلُثُ مَا بَقِيَ) بَعْدَ ذَوِي الْفُرُوضِ.
قَالَ خَلِيلٌ: وَلَهُ مَعَ ذِي فَرْضٍ مَعَهُمَا السُّدُسُ أَوْ ثُلُثُ الْبَاقِي أَوْ الْمُقَاسَمَةُ، فَالْمُقَاسَمَةُ أَفْضَلُ فِي جَدٍّ وَجَدَّةٍ وَأَخٍ؛ لِأَنَّ الْبَاقِيَ بَعْدَ فَرْضِ الْجَدَّةِ وَهُوَ وَاحِدٌ مِنْ سِتَّةٍ خَمْسَةٌ فَيَخُصُّهُ بِالْمُقَاسَمَةِ اثْنَانِ وَنِصْفٌ وَهِيَ أَفْضَلُ مِنْ السُّدُسِ؛ لِأَنَّهُ وَاحِدٌ، وَمِنْ ثُلُثِ الْبَاقِي وَهُوَ وَاحِدٌ وَثُلُثَانِ وَالسُّدُسُ أَفْضَلُ لَهُ فِي زَوْجَةٍ وَبِنْتَيْنِ وَجَدٍّ وَأَخٍ فَأَكْثَرَ؛ لِأَنَّ الْبَاقِيَ بَعْدَ أَصْحَابِ الْفُرُوضِ خَمْسَةٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ، ثُلُثُهَا وَاحِدٌ وَثُلُثَانِ وَحِصَّتُهُ مِنْهَا إنْ قَاسَمَ الْأَخَ اثْنَانِ وَنِصْفٌ وَإِنْ أَخَذَ سُدُسَ جَمِيعِ الْمَالِ أَخَذَ مِنْهَا أَرْبَعَةً وَهِيَ أَحَظُّ لَهُ مِنْ الْمُقَاسَمَةِ وَمِنْ ثُلُثِ الْبَاقِي، وَثُلُثُ الْبَاقِي أَفْضَلُ لَهُ مَعَ أُمٍّ وَعَشَرَةِ إخْوَةٍ وَجَدٍّ؛ لِأَنَّ الْبَاقِيَ بَعْدَ فَرْضِ الْأُمِّ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَحَدُ الْأَصْلَيْنِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِمَا خَمْسَةَ عَشَرَ ثُلُثُهَا خَمْسَةٌ وَهِيَ أَكْثَرُ مِمَّا يَأْخُذُهُ بِالْقِسْمَةِ، وَمِنْ سُدُسِ جَمِيعِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ يَخُصُّهُ بِالْقِسْمَةِ وَاحِدٌ، وَأَرْبَعَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ سَهْمٍ وَسُدُسُ جَمِيعِ الْمَالِ ثَلَاثَةٌ وَقَدْ تَسْتَوِي الْمُقَاسَمَةُ، وَالسُّدُسُ كَزَوْجٍ وَأُمٍّ وَجَدٍّ وَأُخْتَيْنِ أَصْلُهَا مِنْ سِتَّةٍ، وَتَصِحُّ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ وَقَدْ تَسْتَوِي الْمُقَاسَمَةُ، وَثُلُثُ الْبَاقِي إذَا كَانَتْ الْإِخْوَةُ مِثْلَيْهِ كَأُمٍّ وَجَدٍّ وَأَخَوَيْنِ وَقَدْ تَسْتَوِي الثَّلَاثَةُ الْمُقَاسَمَةُ وَثُلُثُ الْبَاقِي وَسُدُسُ جَمِيعِ الْمَالِ، وَذَلِكَ فِي زَوْجٍ أَوْ بِنْتٍ وَجَدٍّ وَاثْنَيْنِ مِنْ الْإِخْوَةِ أَوْ أَرْبَعِ أَخَوَاتٍ أَوْ أَخٍ وَأُخْتَيْنِ أَصْلُهَا مِنْ سِتَّةٍ، وَتَصِحُّ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ.
(تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: قَوْلُ الْمُصَنِّفِ: وَالْجَدُّ مُخَيَّرٌ لَيْسَ الْمُرَادُ حَقِيقَةَ التَّخْيِيرِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ يُقْضَى لَهُ بِأَوْفَرَ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ فَكَانَ الْأَظْهَرَ، فَلَهُ الْأَحَظُّ مِنْ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ لِإِيهَامِ لَفْظِ مُخَيَّرٍ خِلَافَ الْمُرَادِ.
الثَّانِي: قَدْ عَلِمْت مِمَّا ذَكَرْنَا مِنْ جَوَازِ اسْتِوَاءِ الْمُقَاسَمَةِ مَعَ السُّدُسِ أَوْ ثُلُثِ الْبَاقِي أَوْ الثَّلَاثِ أَنَّ أَوْ فِي قَوْلِهِ أَوْ السُّدُسُ أَوْ ثُلُثُ الْبَاقِي مَانِعَةُ خُلُوٍّ لَا مَانِعَةُ جَمْعٍ لِجَوَازِ الْجَمْعِ كَمَا عَرَفْت، وَأَشَارَ إلَى ثَانِي الْوَجْهَيْنِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مَعَهُ مَحْضُ إخْوَةٍ بِقَوْلِهِ: (وَ) أَمَّا (إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ) أَيْ الْجَدِّ (غَيْرُ الْإِخْوَةِ) وَالْأَخَوَاتِ لِغَيْرِ أُمٍّ فَلَهُ الْخَيْرُ مِنْ الثُّلُثِ وَالْمُقَاسَمَةِ.
قَالَ خَلِيلٌ: وَلَهُ مَعَ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ الْأَشِقَّاءِ أَوْ لِأَبٍ الْخَيْرُ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ الْمُقَاسَمَةِ (فَهُوَ يُقَاسِمُ أَخًا وَأَخَوَيْنِ أَوْ عَدْلَهُمَا) مِنْ الْإِنَاثِ وَهُوَ (أَرْبَعُ أَخَوَاتٍ) وَضَابِطُ مَسَائِلِ الْمُقَاسَمَةِ أَنْ لَا يَزِيدَ الْإِخْوَةُ عَلَى مِثْلَيْهِ (فَإِنْ زَادُوا) أَيْ الْإِخْوَةُ وَالْأَخَوَاتُ عَلَى مِثْلَيْهِ وَذَلِكَ فِي صُوَرٍ لَا حَصْرَ لَهَا (فَلَهُ الثُّلُثُ) أَيْ ثُلُثُ جَمِيعِ الْمَالِ (فَهُوَ يَرِثُ الثُّلُثَ مَعَ الْإِخْوَةِ) الصَّادِقَةِ بِمِثْلَيْهِ كَأَخَوَيْنِ أَوْ أَرْبَعِ أَخَوَاتٍ فَيَكُونُ مُسَاوِيًا لِلْمُقَاسَمَةِ (إلَّا أَنْ تَكُونَ الْمُقَاسَمَةُ أَفْضَلَ لَهُ) مِنْ الثُّلُثِ فَتَتَعَيَّنُ لَهُ الْمُقَاسَمَةُ، وَذَلِكَ بِأَنْ تَكُونَ الْإِخْوَةُ أَقَلَّ مِنْ مِثْلَيْهِ كَجَدٍّ وَأَخٍ أَوْ جَدٍّ وَأُخْتٍ أَوْ جَدٍّ وَأُخْتَيْنِ أَوْ جَدٍّ وَثَلَاثِ أَخَوَاتٍ، فَالْحَاصِلُ أَنَّ الثُّلُثَ يَتَعَيَّنُ إنْ زَادَتْ الْإِخْوَةُ عَلَى مِثْلَيْهِ، وَالْمُقَاسَمَةُ تَتَعَيَّنُ إنْ نَقَصَتْ عَنْ مِثْلَيْهِ، وَيَسْتَوِيَانِ إنْ كَانَتْ الْإِخْوَةُ مِثْلَيْهِ.
فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ عِنْدَ عَدَمِ أَصْحَابِ السِّهَامِ، وَتَقَدَّمَ مَعَ ذَوِي السِّهَامِ سَبْعَةُ أَحْوَالٍ، فَقَدْ تَمَّتْ جُمْلَةُ الْعَشَرَةِ أَحْوَالٍ الْمَشْهُورَةِ فِي الْجَدِّ مَعَ الْإِخْوَةِ، وَهَذِهِ الْأَحْوَالُ مِمَّا يَفْتَرِقُ فِيهَا الْجَدُّ مِنْ الْأَبِ؛ لِأَنَّ الْأَبَ يَحْجُبُ سَائِرَ الْإِخْوَةِ، وَالْجَدُّ لَا يَحْجُبُ إلَّا الْإِخْوَةَ لِلْأُمِّ وَإِنَّمَا وَجَبَ لِلْجَدِّ مُقَاسَمَةُ الْإِخْوَةِ وَإِنْ كَانُوا أَقْرَبَ مِنْهُ إلَى الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّ الَّذِي يُدْلِي بِهِ الْجَمِيعُ الْأَبُ وَهُمْ بَنُوهُ وَهُوَ أَبُوهُ وَبَنُوهُ أَقْرَبُ إلَيْهِ مِنْ أَبِيهِ، لَكِنْ لَمَّا كَانَ أَقْوَى مِنْهُمْ حَيْثُ وَرِثَ مَعَ الْبَنِينَ، وَهُمْ أَقْرَبُ مِنْهُ حَيْثُ كَانُوا وَلَدَ الْأَبِ وَجَبَتْ لَهُ الْمُقَاسَمَةُ دَفْعًا لِلنِّزَاعِ.
(تَنْبِيهٌ) إرْثُ الْجَدِّ لَيْسَ بِنَصِّ الْقُرْآنِ وَلَا الْحَدِيثِ لِعَدَمِ وُرُودِ ذِكْرِهِ فِيهِمَا، وَإِنَّمَا إرْثُهُ بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ مِمَّنْ بَعْدَهُمْ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَارِثِينَ بِالْإِجْمَاعِ ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ: الْجَدُّ وَبَنُو الْبَنِينَ وَالْأَعْمَامُ وَبَنُوهُمْ، وَلِصُعُوبَةِ الْقَوْلِ فِي