للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَرِيضَةٌ،

وَغُسْلُ الْجُمُعَةِ سُنَّةٌ،

وَغُسْلُ الْعِيدَيْنِ مُسْتَحَبٌّ،

وَالْغُسْلُ عَلَى مَنْ أَسْلَمَ فَرِيضَةٌ لِأَنَّهُ جُنُبٌ،

وَغُسْلُ الْمَيِّتِ سُنَّةٌ،

وَالصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ فَرِيضَةٌ،

وَتَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ فَرِيضَةٌ وَبَاقِي التَّكْبِيرِ سُنَّةٌ،

وَالدُّخُولُ فِي الصَّلَاةِ بِنِيَّةِ الْفَرْضِ فَرِيضَةٌ،،

ــ

[الفواكه الدواني]

الْعَزِيمَةُ وَهِيَ الْحُكْمُ الْأَصْلِيُّ الْمَشْرُوعُ أَوَّلًا.

(وَالْغُسْلُ مِنْ الْجَنَابَةِ) وَهِيَ الْحَدَثُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَى جَمِيعِ الْبَدَنِ بِسَبَبِ خُرُوجِ الْمَنِيِّ بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ أَوْ مَغِيبِ حَشَفَةِ بَالِغٍ أَوْ قَدْرِهَا مِنْ مَقْطُوعِهَا وَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ إنْزَالٌ.

(وَ) كَذَا الْغُسْلُ مِنْ (دَمِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ) كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ (فَرِيضَةٌ) لِآيَةِ: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: ٦] وَآيَةِ {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} [البقرة: ٢٢٢] الْآيَةَ، وَلِلسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ، وَالْحُكْمُ عَلَى فَرْضِيَّةِ الْغُسْلِ لِانْقِطَاعِ دَمِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ لَا يُنَافِي وُجُوبَهُ إذَا خَرَجَ الْوَلَدُ جَافًّا فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ، وَأَمَّا الْغُسْلُ مِنْ الِاسْتِحَاضَةِ فَالْمَشْهُورُ اسْتِحْبَابُهُ.

قَالَ خَلِيلٌ: لَا بِاسْتِحَاضَةٍ وَنُدِبَ لِانْقِطَاعِهِ.

(وَغُسْلُ الْجُمُعَةِ) وَصِفَتُهُ كَالْجَنَابَةِ (سُنَّةٌ) مُؤَكَّدَةٌ عَلَى الْمَشْهُورِ عَلَى كُلِّ مَنْ حَضَرَ الصَّلَاةَ فَهُوَ لِلصَّلَاةِ لَا لِلْيَوْمِ وَلَوْ كَانَ مِمَّنْ لَا تَلْزَمُهُ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَسُنَّ غُسْلٌ مُتَّصِلٌ بِالرَّوَاحِ وَلَوْ لَمْ تَلْزَمْهُ، وَيَدْخُلُ وَقْتُهُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ، فَلَا يَجْزِي فِعْلُهُ قَبْلَ الْفَجْرِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى طَلَبِهِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «غُسْلُ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ» رَوَاهُ الْأَئِمَّةُ وَظَاهِرُهُ الْوُجُوبُ لَوْلَا حَدِيثُ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ: «مَنْ تَوَضَّأَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَبِهَا وَنِعْمَتْ وَمَنْ اغْتَسَلَ فَالْغُسْلُ أَفْضَلُ» وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَلَهُ شَوَاهِدُ فِي الصَّحِيحِ، وَأَقُولُ: الْحَدِيثُ يَقْتَضِي أَنَّهُ إنَّمَا يُسَنُّ فِي حَقِّ الْمُكَلَّفِ لَا الصَّبِيِّ، وَكَلَامُ خَلِيلٍ بِحَسَبِ ظَاهِرِهِ يُخَالِفُهُ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُ خَلِيلٍ: وَلَوْ لَمْ تَلْزَمْهُ لِنَحْوِ رِقٍّ أَوْ سَفَرٍ مَعَ كَوْنِهِ مُحْتَلِمًا.

(وَغُسْلُ الْعِيدَيْنِ مُسْتَحَبٌّ) عَلَى الْمَشْهُورِ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَنُدِبَ إحْيَاءُ لَيْلَتِهِ وَغُسْلٌ، وَيَدْخُلُ وَقْتُهُ بِدُخُولِ السُّدُسِ الْأَخِيرِ، وَلِذَا لَا يُشْتَرَطُ اتِّصَالُهُ بِالرَّوَاحِ إلَى الْمُصَلَّى، وَلَكِنْ يُسْتَحَبُّ كَوْنُهُ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَهُوَ لِلْيَوْمِ لَا لِلصَّلَاةِ، فَلِذَلِكَ يُطْلَبُ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ مُصَلٍّ، وَصِفَتُهُ كَصِفَةِ غُسْلِ الْجَنَابَةِ، وَمِمَّا هُوَ سُنَّةٌ غُسْلُ الْإِحْرَامِ أَوْ لِلْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ، وَسَيَأْتِي أَنَّ الْغُسْلَ لِدُخُولِ مَكَّةَ مُسْتَحَبٌّ أَيْضًا، وَلَعَلَّ وَجْهَ الْفَرْقِ بَيِّنٌ: غُسْلُ الْجُمُعَةِ سُنَّةٌ، وَغُسْلُ الْعِيدِ مُسْتَحَبٌّ تَبَعِيَّةُ الْأَوَّلِ لِفَرْضٍ دُونَ غَيْرِهِ.

(وَالْغُسْلُ عَلَى) كُلِّ (مَنْ أَسْلَمَ) مِنْ الْكُفَّارِ الْبَالِغِينَ (فَرِيضَةٌ لِأَنَّهُ جُنُبٌ) قَالَ خَلِيلٌ: وَيَجِبُ غُسْلُ كَافِرٍ بَعْدَ الشَّهَادَةِ بِمَا ذُكِرَ وَصَحَّ قَبْلَهَا، وَقَدْ أَجْمَعَ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِقَوْلِهِ: جُنُبٌ، وَخَلِيلٍ: أَنَّ مَنْ أَسْلَمَ وَلَمْ يَكُنْ حَصَلَ مِنْهُ مُوجِبُ غُسْلٍ مِنْ جَنَابَةٍ أَوْ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ غُسْلٌ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا يُسْتَحَبُّ فَقَطْ عَلَى مَشْهُورِ الْمَذْهَبِ، وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ وُجُوبُهُ عَلَى كُلِّ مَنْ أَسْلَمَ وَلَوْ صَبِيًّا تَعْظِيمًا لِلْإِسْلَامِ، وَاعْلَمْ أَنَّ كُلَّ مَنْ اغْتَسَلَ بَعْدَ عَزْمِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ غُسْلُهُ صَحِيحٌ، سَوَاءٌ نَوَى بِهِ الطُّهْرَ مِنْ الْجَنَابَةِ أَوْ مُطْلَقَ الطَّهَارَةِ أَوْ الْإِسْلَامَ، أَوْ نَوَى بِهِ الْإِسْلَامَ وَالتَّنْظِيفَ، لَا إنْ نَوَى بِهِ التَّنْظِيفَ فَقَطْ، وَكَمَا يَصِحُّ الْغُسْلُ بَعْدَ الْعَزْمِ عَلَى الْإِسْلَامِ يَصِحُّ الْوُضُوءُ وَالتَّيَمُّمُ، وَلَا يُقَالُ: شَرْطُ صِحَّةِ كُلٍّ الْإِسْلَامُ، لِأَنَّا نَقُولُ: الْعَازِمُ عَلَيْهِ مُسْلِمٌ حُكْمًا.

(وَغُسْلُ) بِمَعْنَى تَغْسِيلِ (الْمَيِّتِ) الَّذِي تَقَدَّمَ لَهُ اسْتِقْرَارُ حَيَاةٍ وَغَيْرِ شَهِيدِ حَرْبٍ الْمَوْجُودِ كُلُّهُ أَوْ جُلُّهُ الْمُسْلِمِ وَلَوْ حُكْمًا. (سُنَّةٌ) وَقِيلَ فَرِيضَةٌ، وَصَدَّرَ بِهِ خَلِيلٌ عَلَى جِهَةِ الْكِفَايَةِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ حَيْثُ قَالَ فِي وُجُوبِ غَسْلِ الْمَيِّتِ بِمُطَهِّرٍ وَلَوْ بِزَمْزَمَ: وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ كَدَفْنِهِ وَكَفَنِهِ وَسُنِّيَّتِهِمَا خِلَافٌ وَتَلَازُمًا وَغُسْلٌ كَالْجَنَابَةِ تَعَبُّدًا بِلَا نِيَّةٍ، فَيُبْدَأُ بِغَسْلِ يَدَيْ الْمَيِّتِ أَوَّلًا ثُمَّ يُزِيلُ الْأَذَى إنْ كَانَ، ثُمَّ يُوَضِّئُهُ وُضُوءًا كَامِلًا مَرَّةً وَيُثَلِّثُ رَأْسَهُ ثُمَّ يُفِيضُ الْمَاءَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ ثُمَّ عَلَى الْأَيْسَرِ. وَقَوْلُنَا وَلَوْ حُكْمًا لِيَدْخُلَ الْمَحْكُومُ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِإِسْلَامِ أَبِيهِ أَوْ سَابِيه مِنْ أَوْلَادِ الْمَجُوسِ لَوْ مُمَيِّزًا إلَّا الْكِتَابِيَّ وَلَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ لِأَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ بِمُجَرَّدِ التَّبَعِيَّةِ، فَلَا يُغَسَّلُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلِ خَلِيلٍ: وَلَا مَحْكُومَ بِكُفْرِهِ وَإِنْ صَغِيرًا ارْتَدَّ أَوْ نَوَى بِهِ سَلِيبَةَ الْإِسْلَامِ عَلَى مَا حَقَّقَهُ عَلَامَةُ الزَّمَانِ الْأُجْهُورِيُّ، وَإِنَّمَا قُلْنَا بِمَعْنَى تَغْسِيلِ لِأَنَّ الْمُخَاطَبَ بِذَلِكَ الْأَحْيَاءُ فِي الْمَيِّتِ.

(وَالصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ) كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا (فَرِيضَةٌ) عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ وَلَوْ عَلَى كَافِرٍ بِنَاءً عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ خِطَابِهِمْ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ وَالتَّقْيِيدِ بِالْمُؤْمِنِينَ فِي آيَةِ: {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: ١٠٣] لَا يُنَافِي وُجُوبَهَا عَلَى الْكُفَّارِ، دَلَّ عَلَى فَرْضِيَّتِهَا الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَإِجْمَاعُ الْأُمَّةِ، فَالْجَاحِدُ وَلَوْ لِرُكْنٍ مِنْهَا كَافِرٌ حَيْثُ كَانَ مُجْمَعًا عَلَى فَرْضِيَّتِهِ، وَالْمُقِرُّ بِالْوُجُوبِ الْمُمْتَنِعِ مِنْ الْفِعْلِ عِنَادًا يُؤَخَّرُ إلَى بَقَاءِ رَكْعَةٍ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَمَنْ تَرَكَ فَرْضًا آخَرَ لِبَقَاءِ رَكْعَةٍ بِسَجْدَتَيْهَا مِنْ الضَّرُورِيِّ وَقُتِلَ بِالسَّيْفِ حَدًّا وَلَوْ قَالَ: أَنَا أَفْعَلُ، وَصَلَّى عَلَيْهِ غَيْرُ فَاضِلٍ، وَلَا يُطْمَسُ قَبْرُهُ بَلْ يُشْهَرُ زَجْرًا لِأَمْثَالِهِ.

(وَتَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ) وَهُوَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: ابْتِدَاءُ الصَّلَاةِ بِالتَّكْبِيرِ مُقَارِنًا لِنِيَّتِهَا.

(فَرِيضَةٌ) فِي حَقِّ كُلِّ مُصَلٍّ قَادِرٍ عَلَيْهِ وَصِفَتُهَا أَنْ تَقُولَ: اللَّهُ أَكْبَرُ بِمَدِّ لَفْظِ الْجَلَالَةِ الْمَدَّ الطَّبِيعِيَّ لَا يُجْزِئُ غَيْرُهَا، وَالْعَاجِزُ عَنْهَا بِاللَّفْظِ الْعَرَبِيِّ تَكْفِيه النِّيَّةُ، وَلَا يُكَلَّفُ الْإِتْيَانَ بِمُرَادِفِهَا بِلُغَتِهِ، فَإِنْ أَتَى بِهَا بِلُغَتِهِ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ بِالْأَوْلَى مِنْ عَدَمِ بُطْلَانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>