وَإِنَّمَا تَجِبُ الْبَدَنَةُ لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ أَوْ؛ لِأَنَّهُ أَعْلَى أَنْوَاعِ الِارْتِفَاقِ فَيَتَغَلَّظُ مُوجِبُهُ.
(وَإِنْ جَامَعَ بَعْدَ الْحَلْقِ فَعَلَيْهِ شَاةٌ) لِبَقَاءِ إحْرَامِهِ فِي حَقِّ النِّسَاءِ دُونَ لُبْسِ الْمَخِيطِ، وَمَا أَشْبَهَهُ فَخَفَّتْ الْجِنَايَةُ فَاكْتَفَى بِالشَّاةِ.
(وَمَنْ جَامَعَ فِي الْعُمْرَةِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ أَرْبَعَةَ أَشْوَاطٍ فَسَدَتْ عُمْرَتُهُ فَيَمْضِي فِيهَا وَيَقْضِيهَا وَعَلَيْهِ شَاةٌ. وَإِذَا جَامَعَ بَعْدَمَا طَافَ. أَرْبَعَةَ أَشْوَاطٍ أَوْ أَكْثَرَ فَعَلَيْهِ شَاةٌ وَلَا تَفْسُدُ عُمْرَتُهُ)
التَّمَامَ بِالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَالْمُزْدَلِفَةِ عَلَى مَا أَسْلَفْنَاهُ، ثُمَّ لَا شَكَّ أَنْ لَيْسَ التَّمَامُ بِاعْتِبَارِ عَدَمِ بَقَاءِ شَيْءٍ عَلَيْهِ فَهُوَ بِاعْتِبَارِ أَمْنِ الْفَسَادِ وَالْفَوَاتِ.
وَإِنَّمَا أَوْجَبْنَا الْبَدَنَةَ بِمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ " أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ وَقَعَ بِأَهْلِهِ وَهُوَ بِمِنًى قَبْلَ أَنْ يُفِيضَ فَأَمَرَهُ أَنْ يَنْحَرَ بَدَنَةً ". رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْهُ وَأَسْنَدَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَطَاءٍ أَيْضًا قَالَ: سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ ﵄ عَنْ رَجُلٍ قَضَى الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَزُرْ الْبَيْتَ حَتَّى وَقَعَ عَلَى امْرَأَتِهِ، قَالَ: عَلَيْهِ بَدَنَةٌ. وَلِأَنَّهُ لَا قَضَاءَ هُنَا؛ لِيَخِفْ أَثَرُ الْجِنَايَةِ بِجَبْرِ الْقَضَاءِ بِخِلَافِ مَا قَبْلَ الْوُقُوفِ، وَهُوَ أَرْجَحُ مِمَّا عَنْ ابْنِ عُمَرَ مِمَّا أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْهُ: جَاءَ رَجُلٌ إلَيْهِ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إنِّي رَجُلٌ جَاهِلٌ بِالسُّنَّةِ بَعِيدُ الشُّقَّةِ قَلِيلُ ذَاتِ الْيَدِ، قَضَيْتُ الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا غَيْرَ أَنِّي لَمْ أَزُرْ الْبَيْتَ حَتَّى وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي، فَقَالَ: عَلَيْك بَدَنَةٌ وَحَجٌّ مِنْ قَابِلٍ فَإِنَّهُ مَتْرُوكٌ بَعْضُهُ، وَقَالَ ﵊ «مَنْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ» بِخِلَافِ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا. وَلَوْ جَامَعَ مَرَّةً ثَانِيَةً فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ شَاةٌ مَعَ الْبَدَنَةِ؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ فِي حُرْمَةٍ مَهْتُوكَةٍ فَصَادَفَ إحْرَامًا نَاقِصًا فَيَجِب الدَّمُ. وَلَوْ جَامَعَ الْقَارِنُ بَعْدَ الْوُقُوفِ لَزِمَهُ بَدَنَةٌ لِحَجَّتِهِ وَشَاةٌ لِعُمْرَتِهِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ جَامَعَ بَعْدَ الْحَلْقِ فَعَلَيْهِ شَاةٌ) مَا لَمْ يَكُنْ جَامَعَ بَعْدَمَا طَافَ أَرْبَعَةَ أَشْوَاطٍ مِنْ طَوَافِ الزِّيَارَةِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute