للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الإسلام، يشير للشافعي، أذلّ الله من أذلّك، وأهان الله من أهانك. فلما انفضّ المجلس حصل من فهّم السّلطان (١)، وقال: الحنبلي دعا عليك. فلما كان في يوم الاثنين حادي عشره، أرسل طلب قاضي القضاة بهاء الدين بن قدامة (٢) إلى القلعة، وفوّض إليه قضاء الحنابلة بمصر، وكان له نهار/مشهود.

وفي أوائله أيضا، ووقعت وقعة عظيمة بالشام. أصلها أنّ ملك الأمراء جان بلاط، قبض على ناصر الدين ابن الحنش (٣)، مقدّم البقاع (٤)، وعمل عليه مالا، وخلع عليه وعزله، وأطلقه فهرب. وولى عوضه ابن عمه، وجهز معه عساكر إلى البقاع، وأحرقت قرية قبر الياس (٥)، وما حولها وعصى ناصر الدين وهرب (٦).

وفي حادي عشريه رسم السلطان، بنفي سيدنا الشيخ العلاّمة، عبد البرّ ابن الشحنة الحنفي، شيخ الحنفية بالقاهرة، إلى بلد قوص (٧)، لأنّه ذكر عنه أنّ قانصوه خمسمائة مختفيا عنده، وذلك لا حقيقة له، فشفع فيه الأمراء، وأطلق وخلع عليه.

وفي ثاني عشريه قوي الضّعف على أمير كبير أزبك (٨)، فحضر عنده جماعة من الأطبّاء، وذكروا أنّه سحر. فطلب الرجل الأطروش الأنبابي فعزّم، ووضع آنية، وغطّاها ثم كشفها، فإذا فيها هيئة شخص مصفّح، بنحاس ومسامير، وفي/دماغه قمقم (٩)، مملوء دما، وفي بطنه ورقة مكتوب فيها، إنّه لا يتغوّط فحرق. ونسب ذلك الفعل والحامل عليه لولده، سيدي يحيى فبلغ السلطان ذلك. وحرّر عليه، فوجدوا فاعل السّحر رجل يسمى القزيزي مكسح (١٠)، فاعترف بذلك، واعترف


(١) فهّم السلطان: وضّح وشرح، ووشى إليه.
(٢) بهاء الدين بن قدامة: هو عبد الرحمن بن قدامة قاضي القضاة الحنبلي بدمشق وعزل أكثر من مرة وأعيد. انظر: ابن طولون: مفاكهة الخلان ١/ ١٧٥،٢٠٣. ابن إياس. بدائع الزهور ٣/ ٤١١.
(٣) ناصر الدين ابن الحنش: هو محمد بن الحنش مقدّم البقاع، وناب في صيدا سنة ٩١٥ هـ. ابن طولون. مفاكهة الخلان ١/ ٩٧،٢١٣،٢٤٥،٣٣٨.
(٤) مقدّم البقاع: حاكم البقاع.
(٥) قبر الياس: إحدى قرى البقاع، وكانت مقرا لابن الحنش. مفاكهة الخلان ١/ ٢١٤.
(٦) انظر: ابن طولون. مفاكهة الخلان ١/ ٢١٣.
(٧) بلدة قوص: إحدى مدن الصعيد في مصر. مفاكهة الخلان ١/ ٢٣ لابن طولون.
(٨) انظر: ابن إياس. بدائع الزهور ٣/ ٤١٣.
(٩) قمقم: هو الجرة ويطلق على آنية النحاس تستخدم للشرب أو تسخين الماء. لسان العرب، مادة قمم.
(١٠) القزيزي مكسح: كان يتعاطى العمل بالسحر في مصر، قبض عليه هو وصبيه واتهم بعمل السحر للأمير أزبك وقتله. بدائع الزهور: لابن إياس ٣/ ٣٥٩ - ٤١٢، وفيه: القصديري.

<<  <  ج: ص:  >  >>