وهم مسلمون يشهدون أَلَّا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وأن القرآن كلام الله؟
فإذا قلت لهم: إن العوامَّ ينذرون للموتى ويذبحون لهم ويدعونهم إلى غير ذلك، قالوا: أمَّا نذرهم للموتى فإنما يقصدون النذر لله عزَّ وجلَّ على أن يكون ثواب ما ينذرونه من صدقة أو نحوها هديّة منهم للموتى. كمن يتصدَّق بصدقة لوجه الله تعالى، ويجعل ثوابها لوالديه، وإنما يذبحون لله عزَّ وجلَّ ويتصدَّقون بالطعام، ويجعلون ثواب الصدقة للموتى، وإنما يقصدون بقولهم: يا بدوي يا رفاعي سؤال الله تعالى بحقِّ البدوي والرفاعي ونحو ذلك.
كذا يقولون، مع أنَّ مَنْ خالط العامة وعرف حالهم عَلِمَ أنَّ هذه التأويلات لا تخطر ببال أحد منهم، وإنما يريدون ما هو الظاهر من أفعالهم وأقوالهم.
نعم، إننا نعذر كثيرًا من العامة أو أكثرهم بالجهل وعدم قيام الحجة عليهم، ولكن الفرض على كُلِّ من أوتي حظًّا [٦٦٣] من العلم أن يبيِّن للعامة حقيقة ما هم عليه ويبلِّغهم حجة الله عليهم ويحذِّرهم مما يصنعون، فإن لم يفعل فالتبعة عليه، ولا سيما إذا رضي بتلك الأقوال والأفعال ونصرها وساعد عليها وعادى مَن يسعى لإبطالها وعانده وَحَذَّرَ العامة من استماع قوله.
وكثير من المنتسبين إلى العلم يدركون هذه الحقيقة، ولكن الشيطان والهوى وحبَّ الدنيا وما يحصل لهم بسبب انتشار تلك الأقوال والأفعال بين العامة من تعظيمٍ ومنافع دنيوية يصدُّهم عن الحق ويحملهم على