للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والحكماء وأشباههم يزعمون أن المقصود من هذه الرياضة تصفية النفس وتهذيبها وترقيق الحجب الجسمانية الحائلة بين النفس وبين ما هو ممكن لها من إدراك العلوم الدقيقة، والإشراف على العالم الروحاني وتطهير النفس من الأخلاق الذميمة والشهوات الحيوانية، وأن يستعمل المرتاض ما يحصل له من القوة الغريبة في تحصيل العلوم ونفع الخلق.

ويقولون: إن من اشتغل بهذه الرياضة لحصول تلك القوة الغريبة فقط أو حصلت له تلك القوة فاستعملها في الأغراض الخسيسة من تحصيل جاه أو مال أو شهوة أو ضَرَّ بها مخلوقًا فهو إنسان مذموم ساقط الهمة، وأنه لا ينبغي للأستاذ أن يعلِّم إنسانًا الرياضة أو يساعده عليها حتى يَعْلَمَ حُسْنَ قصده.

[٦٩٧] ومن العجيب (١) أن المتصوفة نقلوا هذه الرياضة إلى الإسلام وألصقوها به، كما أشرنا إليه فيما تقدم (٢)، وذلك معروف في كتبهم، والمحققون منهم يعترفون بأن هذه الرياضة ليست من الدين، وأن ما يحصل بسببها من القوة الغريبة لا يتوقف على كون المرتاض مسلمًا.

وفي تاريخ الهند أن بعض المسلمين كان يرتاض على يد بعض العارفين بهذا الفن من الوثنيين، وأن بعض الوثنيين ارتاض على يد بعض المتصوفة من المسلمين. والغلاة من أصحابها من المتصوفة والوثنيين وغيرهم يزعمون أن الأديان كلها حق، وقد صرّح بذلك جماعة من زعماء المتصوفة وإن تأوّله بعض أتباعهم، وقد اشتهر في هذا العصر بين البحّاثين


(١) وضع المؤلِّف فوقها بقلم الرصاص: الأسف، ولعلَّه كان يريد إبدالها بـ «العجيب».
(٢) انظر ص ٢٦١.