وصرَّح كثير من المتصوِّفة بأن المرتاض على تلك الطريقة تحصل له قوَّة غريبة يستطيع أن يعمل بها العجائب، ولكنهم يحذِّرون المريد أن يكون ارتياضه لأجل حصول تلك القوة, وأن يقف عندها إذا حصلت له, أو يستعملها في أغراضه، وأنه إن فعل ذلك هلك.
وسماها بعضهم ــ كصاحب الإنسان الكامل ــ: السحر العال (١) , وذكر أن السالك يمرّ عليها, فيكون بحيث لا يريد شيئًا إلا حصل له, وأنه نفسه مرّ عليها.
أما حكم هذه الطريقة, فإن تضمَّنت كفرًا ــ كاعتقاد أن الأديان كلَّها حقٌّ، أو كذبًا على الله تعالى بإلصاق ما ليس من دين الإسلام به، أو تكذيبًا بشيء من آيات الله تعالى، أو عبادة لغير الله تعالى، أو نحو ذلك مما [٦٩٨] هو كفر أو شرك ــ فالأمر واضح، وإلا فالإقدام على القول بأن تعلُّمها وتعليمَها كفرٌ صَعْبٌ؛ فإن كثيرًا من المعْتَقَدِين عند المسلمين قد سلكوها وعلَّموها وألَّفوا فيها الكتب، والله المستعان، وقد عَلِمْتَ مذهب مالك رحمه الله تعالى.
فأما من ارتاض وحصلت له تلك القوَّة وعمل بها ــ كما اشتهر عن جماعة أنهم كانوا يقتلون بالحال ونحو ذلك ــ فالكفر بذلك أقرب، ولكن لا يغيبنّ عنك ما قدمناه في فصل الأعذار، ولا تجترئ فتحكم بأن كل ما يُنْقَلُ عن المتصوفين من الغرائب هو من هذا القبيل؛ فإن الصالحين في المسلمين كثير وكرامات الأولياء حق، وعليك بالتدبر والابتهال إلى الله عزَّ وجلَّ أن