للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يعني ــ والله أعلم ــ: فبايعهنَّ على ذلك عند قدومهنَّ من دار الكفر، على أن هذه المبايعة كانت غير خاصَّةٍ بهنَّ؛ ففي الصحيحين عن عبادة بن الصامت أحد النقباء أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم قال وحوله عصابةٌ من أصحابه: "بايعوني على ألا تشركوا بالله شيئًا، ولا تسرقوا" الحديث، كما في بيعة النساء (١).

وجاء نحوه عن جرير بن عبد الله وعبد الله بن عمرو بن العاص (٢).

وهذه المبايعة كالتفسير للشهادتين وبعض ما يتعلَّق بهما؛ ولذلك ــ والله أعلم ــ ترك أئمَّةُ الصحابة ومن بعدهم مبايعةَ مَنْ يُسلم مثل المبايعة المذكورة اكتفاء بالشهادتين، وبأنَّ معناهما وما يتعلَّق به [١٢] قد اشتهر بين الناس.

وقال تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} الآية [البقرة: ٨٣].

فأَخَذَ الميثاق منهم لا يعبدون إلا الله على وجه الالتزام، وهو معنى شهادة أن لا إله إلا الله.

ومما يوضِّح اشتراط الالتزام أنَّ الكافر لو قال: أنا أعلم أن دين الإسلام حقٌّ ولكن لا أدع ديني، أو قال: أنا أعلم أن شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمَّدًا رسول الله حقٌّ ولكني لا أحبُّ الدخول في الإسلام، أو قال: أنا لا أدع ديني أبدًا مع أني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمَّدًا رسول الله؛ فإنه لا


(١) البخاريّ، كتاب الإيمان، باب ١١، ١/ ١٢، ح ١٨. مسلم، كتاب الحدود، بابٌ الحدود كفَّارةٌ لأهلها، ٥/ ١٢٧، ح ١٧٠٩. [المؤلف]
(٢) انظر: فتح الباري ١/ ٥١. [المؤلف]