للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دينه، قَدَر (١) على الهجرة فلم يهاجر حتى توفي: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ} الآية [النساء: ٩٧] " (٢). وهذا صريحٌ فيما ظهر لي، ولله الحمد.

هذا، وقوله تعالى في الذين لا يستطيعون حيلةً ولا يهتدون سبيلًا: {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا} فيه دلالةٌ على [أن] مَن أُكرِه منهم على الكفر فتظاهَر به فقد أساء، وإن كان معفوًّا عنه، أي ــ والله أعلم ــ: لأنه كان الأولى لهم أن يصبروا [ب ٨] على العذاب أو القتل ولا يتظاهروا بالكفر. وقد كان جماعةٌ من أصحاب النبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم قبل أن يُؤذَن لهم بالهجرة يعذَّبون فصبر أكثرهم، وقال النبيُّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم لعمَّارٍ وأبيه وأمِّه وهم يعذَّبون: "صبرًا آل ياسر؛ فإنَّ موعدكم الجنَّة" (٣).

ومما يدلُّ على الالتزام قول الله جلَّ ثناؤه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ}، إلى قوله: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ}، إلى قوله: {فَبَايِعْهُنَّ} [الممتحنة: ١٠ - ١٢].


(١) كذا في الأصل والسنن الكبرى للبيهقيِّ.
(٢) سنن البيهقي ٩/ ١٢. [المؤلف]
(٣) أخرجه الحاكم في كتاب معرفة الصحابة، ذكر مناقب عمَّار بن ياسرٍ رضي الله عنه، إيذاء الكفَّار آل ياسرٍ، ٣/ ٣٨٣، من طريق ابن إسحاق مرسلًا. ثم أخرجه في الكتاب المذكور، ذكر مناقب عمَّار بن ياسرٍ رضي الله عنه، "ما خُيِّر عمَّارٌ بين أمرين إلا اختار أرشدهما"، ٣/ ٣٨٨ - ٣٨٩، من طريق أبي الزُّبير عن جابرٍ رضي الله عنه، نحوه، وقال: "صحيحٌ على شرط مسلمٍ ولم يخرجاه"، ولم يتعقَّبْه الذهبيُّ.