الأولى: أن يتَّبع أبويه على تلك المخالفة تعصُّبًا لهما ويرضى لنفسه بأمورٍ:
منها: ترك الإسلام الذي اتَّضح له أنه الحق ومضى عليه أسلافه ومضى أبواه أنفسهما على الانتساب إليه والاغتباط به كما مر، ونشأ هو نفسه على حبه والاغتباط به والافتخار بالانتساب إليه.
ومنها: اختيار الكفر الذي مضى أسلافه وأبواه أنفسهما ونشأ هو نفسه على بغضه ومقته وشدة النفور عنه والعلم بأنه هلاك أبدي.
[ز ٣٩] ومنها: عداوة الله ورسله والمؤمنين، وقد مضى أسلافه وأبواه أنفسهما ونشأ هو نفسه على محبتهم وتعظيمهم والاغتباط باتِّباعهم.
ومنها: غضب الله عزَّ وجلَّ والخلود في نار جهنم.
الطريق الثانية: أن يتبع الحق ويشهد على أبويه بالكفر.
الطريق الثالثة: أن يتبع الحق ويرجو العذر لأبويه.
أفلا ترى سلوكه الطريق الأولى أبعد جدًّا من اختيار مَن كان أبوه وأسلافه نصارى وأمُّه مسلمةً للنصرانيَّة؟ فبقي النظر في الطريقين الأخريين، فإن لم تتَّضح له الحجَّة على هلاكهما وعلى أن الشكَّ في هلاكهما كفرٌ فلا ريب أنه يختار الطريق الثالثة، ولكن هذا لا ينافي الحكم بإسلامه؛ لوجوه:
الأوَّل: أن النظر في هذا الباب مُرَتَّبٌ على فرض قيام الحجة كما مرَّ.
الثاني: أنه إذا لم تقم عليه الحجة القاطعة بهلاكهما لا يكون رجاؤه العذر لهما كفرًا.