للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الأعراف: ٨٩]، وفيه: "فالله لا يشاء الشرك".

وقد تقدَّم في الأصل الأوَّل (١) حكمة الخلق بما عُلِمَ به يقينًا أن الله تعالى لم يخلق الخلق عبثًا، ولا ليُعْنِتَهُم.

وقال تعالى: {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعَالَمِينَ} [آل عمران: ١٠٨]، {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ} [المؤمن: ٣١]، في آياتٍ كثيرةٍ ينفي الله تبارك وتعالى عن نفسه الظلم. وقد تقدَّم في هذا الأصل (٢) كمال عدل الله سبحانه حتى إنه يوم القيامة لا يحكم بمجرد علمه، وفي الحديث القدسي: "يا عبادي إني حرَّمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرمًا، فلا تظالموا، يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم ... " إلى أن قال: "يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفِّيكم إيَّاها، فمن وجد خيرًا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومنَّ إلا نفسه" (٣).

واختلف الناس في معنى الظلم الذي ينفيه الله تبارك وتعالى عن نفسه، فقال الجبريَّة ومَن تابعهم: هو "أن يتصرَّف في غير ملكه" (٤).

قال عبد الرحمن: مَن نظر إلى كثرة الآيات في القرآن وتدبَّرها اتَّضح له بطلان هذا التفسير، وعليك أن تعتبر ذلك بأن تجعل التفسير مكان المفسَّر في الآيات كأن تجعل مكان قوله في الآيتين السابقتين "ظلمًا" قولك:


(١) ص ٥٨ فما بعدها.
(٢) ص ٦٤.
(٣) صحيح مسلمٍ، كتاب البرِّ والصلة، باب تحريم الظلم، ٨/ ١٦، ح ٢٥٧٧. [المؤلف]
(٤) التبصير في الدين للإسفراييني ١٦٩، والذين اتبعوا الجبريَّة هم الأشاعرة، انظر: شفاء العليل، الباب ١٦، ص ٢٤١.