للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"تصرفًا في غير ملكه" وانظر كيف يصير الكلام، وراجع ما قدَّمناه في كمال عدل الله تعالى يوم القيامة.

وقال غيرهم: هو: "أن ينقص عبده من حاقِّ ثوابه أو يعذبه بغير ذنب" (١)، قالوا: وما يُشَاهَدُ في الدنيا من إيلام الأطفال والمعتوهين والبهائم، فكل ذلك مطابق لحكمة الله عزَّ وجلَّ وعدله، فإن لم نعرف وَجْهَ ذلك في بعضها فعدم العلم ليس علمًا بالعدم {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: ٨٥].

وغلت القدرية وتجارت بها أهواؤها حتى جحدت علم الله تعالى بالحوادث قبل حدوثها (٢)، وربما ضاق الأمر على بعضها فأنكر آيات من القرآن كما سلف عن عمرو بن عبيد (٣)، وأحجمت المعتزلة عن هذا الغلوِّ ولكنها تطرَّفت من جهاتٍ:

منها: قولهم: إن العقل يحكم بأن الظلم قبيحٌ محرَّمٌ على الله تعالى، ويحكم بأنه سبحانه ليس له أن يتصرَّف في ملكه إلا بالعدل (٤)، وغير ذلك


(١) وهو قول أهل السنَّة، انظر: شرح الطحاويَّة ٢/ ٦٧٩ - ٦٨١، وقد قال ابن عباس في قوله تعالى: {فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا} قال: لا يخاف ابن آدم يوم القيامة أن يُظْلَم فيُزاد عليه في سيئاته، ولا يُظْلَم فيُهْضَم في حسناته. أخرجه الطبريُّ في تفسيره (١٨/ ٣٧٩) من طريق علي بن أبي طلحة عنه. وورد نحوه عن مجاهد وقتادة والحسن. انظر: تفسير الطبري (١٨/ ٣٨٠)، الدُّرّ المنثور ٥/ ٦٠١.
(٢) انظر: مجموع الفتاوى ٨/ ٤٥٠، شفاء العليل، الباب ٢١، ص ٣٩٣.
(٣) ص ٢٩، ٣٢.
(٤) انظر: مجموع الفتاوى ٨/ ٩١.