للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من الألفاظ التي يتبادر [ز ٤١] إلى الفهم منها أنهم يزعمون أن العقل حاكمٌ على الله عزَّ وجلَّ يوجب عليه ويحرِّم ويسأله عمَّا يفعل ويناقشه الحساب. وأهل الحقِّ أغنياء عن تلك المقالات بما تقدَّم في الحديث القدسيِّ "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي" إلى قوله: "فمن وجد خيرًا فليحمد الله" (١).

ومنها: تحريف الآيات الواردة في القضاء والقدر، وردّ الأحاديث الثابتة في ذلك. وعارضهم المُجْبِرة فادَّعوا صراحتها في الجبر، وآل بهم الأمر إلى أن حرَّفوا أضعاف أضعافها من الآيات والأحاديث وجحدوا حكمة الله وعدله، وسمّوا الحكمة غرضًا والعبث اختيارًا والعدلَ عجزًا، وجعلوا خلق الله تعالى وأمره كله لهوًا ولعبًا (٢)، بل شرًّا من ذلك؛ فإنَّ اللاهي واللاعب له فائدةٌ مَّا مِنْ لهوه ولعبه.

وأهل الحقِّ أغنياء عن ذلك كلِّه بقول النبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: "اقرؤوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم، فإذا اختلفتم فقوموا عنه" (٣).

وما صحَّ عن عبد الله بن عمرٍو قال: هجَّرت إلى رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم يومًا، قال: فسمع أصوات رجلين اختلفا في آية فخرج علينا رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم يُعْرَفُ في وجهه الغضب فقال: "إنما


(١) تقدم تخريجه قبل قليل.
(٢) انظر: شفاء العليل، الباب ٢٢، ص ٤٣٥ فما بعدها.
(٣) صحيح البخاريِّ، آخر كتاب فضائل القرآن، [بابٌ: "اقرأوا القرآن ما ائتلفت قلوبكم"]، ٦/ ١٩٨، ح ٥٠٦٠. صحيح مسلمٍ، أوائل كتاب العلم، [باب النهي عن اتَّباع متشابه القرآن]، ٨/ ٥٧، ح ٢٦٦٧. [المؤلف]