للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أعطيتَه ما يجهدك فيضيق عليك إعطاؤه، فمعنى قوله {لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٣٣] هو ما وَصَفْتُ من أنها لا تُكَلَّف إلا ما يَتَّسِعُ لها بذلُ ما كُلِّفَتْ بَذْلَه فلا يضيق عليها ولا يجهدها" (١).

وروى في موضعٍ آخر عن ابن عبَّاسٍ "قوله: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦] قال: هم المؤمنون، وسَّع الله عليهم أَمْرَ دينهم فقال الله جلَّ ثناؤه: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: ٨٧]، وقال: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: ١٨٥]، وقال: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: ١٦] (٢).

قال عبد الرحمن: المقصود هنا معرفة معنى الوُسْعِ، فأمَّا العموم والخصوص فقد مضى الكلام فيه.

وقال الراغب: "والوُسْعُ من القدرة ما يَفْضُلُ عن قَدْرِ المكلَّف، قال: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} تنبيهًا أنه يُكَلِّف عبده دُوَيْنَ ما ينوء به قدرته" (٣).

وفي الشريعة مواضع توضِّح ذلك، منها: أن الله تعالى لم يكلِّف الأعراب الذين أسلموا ولَمَّا يدخل الإيمان في قلوبهم لزومَ المسجد وسماعَ القرآن ونحو ذلك مما من شأنه أن يكسبهم الإيمان.


(١) تفسيره: ٢/ ٢٨٣. [المؤلف]
(٢) تفسيره: ٣/ ٩٥. [المؤلف].
(٣) المفردات ٨٧٠.