للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أضعافٌ مضاعفةٌ. مثال ذلك: مذهب الإمام الشافعيِّ رحمه الله تعالى، كان له أصحابٌ جمعوا كلامه وقاسوا على أقواله وفَرَّعُوا وضمُّوا جميع ذلك إلى المذهب، ثم جاءت طبقةٌ بعدهم جمعوا كلام مَنْ تَقَدَّمَهُم وقاسوا عليه وفَرَّعوا وضمُّوا جميع ذلك إلى المذهب، وهكذا طبقةً فطبقةً.

ولما ظهر كلام الأشعريِّ في العقائد مال إليه بعضُ فقهائهم وأنكره بعضهم، ثم غلب عليهم فصار عامَّةُ الشافعيَّة أشاعرةً، وصار عند المتأخِّرين كأنه جزءٌ من المذهب، حتى إنه كان يستغرب في القرن الخامس والسادس فضلًا عما بعدهما أن يُقال: إن فلان (١) فقيهٌ شافعيٌّ ولكنه ليس بأشعريِّ، ويرى طلبة العلم والعامَّة أن هذا قريبٌ من المحال لتوهُّمِهِم أن رأيَ الأشعريِّ قطعةٌ من مذهب الشافعيِّ، فكيف يكون الرجلُ شافعيًّا وليس بأشعريٍّ؟ ! (٢).

/وكانت تظهر المقالة والرأي فيتكلَّم فيها بعض فقهاء المذهب غير مستندٍ إلى المذهب بل متأثِّرًا بآثارٍ خارجيَّةٍ، وقد يحاول هو إلصاقها بالمذهب أو يحاول مَنْ بعده ذلك فلا تلبث أن تَلْصَقَ بالمذهب ثم تصبح أصلًا يُقاس عليه. وربما ظهرت البدعة فقصَّرت طبقةٌ في إنكارها، فشارك فيها بعضُ الطبقة التي تليها فَضَمَّتْها الثالثة إلى المذهب ثم تصبح أصلًا يقاس عليه.

على أنه في القرون المتأخرة صار كثير من المحدثات متفقًا عليه بين


(١) كذا في الأصل.
(٢) هنا انتهى ما كان مسمًّى (رسالة في العقيدة)، وقد وجدت صفحةً غير مرقَّمةٍ ملحقةً بآخر الرسالة المسمّاة (أصول ينبغي تقديمها)، وهذا هو الموضع المناسب لها.