للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنها: أنه قد لا يوجد الحق في بعض المسائل عند من اشتهر بالحق؛ لأن من شأن الضالة أنها تقع في محلٍّ غير مناسب لها فلا توجد إلا فيه، ولا توجد في المحلِّ المناسب لها، فمن اقتصر على طلبها في المواضع المناسبة لها لم يظفر بها.

ومنها: أنه لا ينبغي للمؤمن أن يستنكف عن طلب الحق عند من اشتهر بخلاف الحق ولا عن قبوله منه، فإن من ضلّ خاتمه مثلًا فوجده في كُنَاسَة أو بيد مشرك أو مبتدع أو من يلابس القاذورات مثلًا لم يمنعه ذلك من أخذه، ولو امتنع لعُدَّ أحمق.

ومنها: أنه ينبغي للمؤمن أن يتعرَّف الحق من حيث هو حق، ولا يلتفت إلى حال من قاله، حتى لو اختلف عليه وليٌّ وفاجر أو إمام وجاهل لم يحمله ذلك على تلقّي كلام الوليِّ أو العالم بالقبول بدون تحقُّق أنه الحق، كما أن من ضلّ خاتمه مثلًا فلقيه وليٌّ وفاجر أو إمام وجاهل بيد كلٍّ منهما خاتم يقول له: أرى أن هذا خاتمك لم يلتفت إلى جلالة الوليّ أو الإمام ودناءة الفاجر أو الجاهل، بل يتأمَّل الخاتمين فأيُّهما عرف أنه خاتمه أَخَذَه، وإن كان هو الذي بيد الفاجر أو الجاهل.

ومنها: أن ترك الأخذ بقول وليٍّ أو إمام لا يكون تحقيرًا له ولا استخفافًا بحقه؛ فإن من عرف أن خاتمه هو الذي بيد الفاجر أو الجاهل، فأخذه وترك الذي بيد الوليِّ أو الإمام لم يُعَدَّ مُهينًا لهذين ولا مُسيئًا إليهما كما أنه لا يُعَدُّ معظِّمًا مبجلًا لذلك الفاجر أو الجاهل، وإن كان عليه شكره.

ومن أمعن في تدبُّر الحديث ظهر له أكثر مما ذكرنا.