ولعل قائلًا يقول: وهل كاتب هذه الرسالة جامع للأمور المتقدمة؟ فأقول: لست هنالك ولا قريبًا من ذلك.
ولكنَّ البلاد إذا اقْشَعَرَّتْ ... وصَوَّحَ نَبْتُها رُعِيَ الهَشِيمُ (١)
ومَن طالع هذه الرسالة فسيعرف منزلة كاتبها، والله تعالى الموفق.
ولنختم هذا الفصل بالتنبيه على قاعدة من القواعد التي تقدَّمت الإشارة إليها وهي وجوب حمل النصوص على ظاهرها، وهي قاعدة قطعية متفق عليها بين المسلمين بل بين العقلاء. والمراد بالظاهر ما يكون ظاهرًا من النص بعد أن يُضَمَّ إليه ما يبينه من النصوص الأخرى، فالنصُّ العام ظاهره العموم فإذا قامت حجة ثابتة على تخصيصه لم يبق ظاهرًا إلا فيما بقي بعد التخصيص.
[٩٧] واعلم أن الظاهر الواحد لا يفيد وحده إلا الظن، ولكنه قد يترقى إلى القطع إذا عضدته ظواهر أخرى، أو عُلِمَ من حال السلف الصالح أنهم كانوا يحملونه على ظاهره أو غير ذلك.
ونقل ابن حجر الهيتمي في كتابه الإعلام بقواطع الإسلام عن كتاب الأنوار ما لفظه:«وأن من دافع نص الكتاب أو السنة المقطوع بها المحمول على ظاهره فهو كافر بالإجماع».
(١) البيت لأبي عليٍّ البصير، الفضل بن جعفرٍ الكوفيِّ. انظر: أمالي القالي ٢/ ٢٨٧، والوساطة بين المتنبِّي وخصومه ص ٢٢١, ومعجم الأدباء ٣/ ٨٩، ترجمة أحمد بن أبي طاهرٍ ونسبه لدعبل أيضًا، واقشعرت: أجدبت، وصوّح أي جفَّ، والهشيم الكلأ الجافّ.