للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأقرَّه ابن حجر إلا أنه قال: «والظاهر أيضًا أن معنى قوله: المحمول على ظاهره, أي بالإجماع» (١).

أقول: ومن الإجماع عندهم أن يُنْقَلَ قولٌ عن بعض السلف ولا يعلم له مخالف منهم (٢). والله أعلم.

وبالجملة، فالظاهر إذا لم يعتضد بشيء فإنه حجة في غير العقائد، فأما في العقائد فإنه يوجب الاحتياط، والاحتياط فيما يتعلق بالاعتقاد أصل عظيم نَبَّه عليه القرآن في مواضع قال تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ} [فصلت: ٥٢] , وقال عزَّ وجلَّ: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [الأحقاف: ١٠].

ويدخل في هذا المعنى كثير من الآيات التي يُطالَبُ المشركون فيها بالحجة والسلطان على دعواهم, أو يُنْفَى أن يكون عندهم شيء من ذلك, أو يُنْعَى عليهم الاعتماد على الظن والخرص والتقليد؛ فإن من المقصود في ذلك أن يبين لهم أنه على فرض أن حجج الأنبياء وبيناتهم لا تفيد عندكم [٩٨] القطع بصدقهم فأنتم ليس عندكم براهين قاطعة على شرككم، وحينئذٍ فالواجب عليكم الاحتياط وترجيح جانب السلامة، ولا ريب أنها ترك الشرك.


(١) الإعلام ص ٤٤. [المؤلف]
(٢) انظر: الإحكام لابن حزم ٤/ ٢١٩ إذ نسب هذا القول إلى بعض الشافعيِّين وجمهور الحنفيين والمالكيين, والسلف عنده: واحد أو أكثر من الصحابة.