للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الطيِّبِي: كلام الشارع محمول على بيان الشرع» (١).

وقوله: «إنما الأعمال بالنيات» ظاهره اتفاقًا نفي وجود الأعمال بدون النيات. وتوهم بعض أهل العلم أن النفي لا يصح إذ قد توجد صورة الصلاة بدون نية، والصواب صحة النفي؛ فإن الكلام في الأعمال الشرعية كما علمت، والموجود في الخارج بدون النية ليس هو العمل الشرعي، وقد قال النبيُّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم للمسيء صلاته: «ارجع فصلِّ فإنك لم تصلِّ» (٢).

ولا خفاء أنَّ مَنْ اتفق له عدمُ الأكل والشرب والجماع يومًا كاملًا بغير نية صيام يصدق عليه حقيقة أنه لم يقع منه صيام.

فهذه الجملة «إنما الأعمال بالنيات» دلَّت أنه لا يوجد عملٌ شرعيٌّ تكليفيٌّ (٣) إلا بنيَّةٍ، والمراد بها ــ والله أعلم ــ إخراج الأعمال الصورية التي لم تقع بنية عن أن تكون شرعية تكليفية, مثل أن يكون إنسان نائمًا أو مغمى عليه فيُحْمَلَ بغير رضًا منه سابقٍ من دار الكفر إلى دار الإسلام، فهذا لم يوجد منه عمل شرعي تكليفيٌّ أصلًا.

والجملة الثانية «وإنما لامرئ ما نوى» أريد بها ــ والله أعلم ــ التمييز بين الأعمال الشرعية التكليفية المشتبهة صورة، فأفاد أنَّ الذي يوجد منها هو ما


(١) الفتح: ١/ ٩. [المؤلف]. وقد تكرَّر في الأصل قوله: «كلام الشارع» مرَّتين سهوًا.
(٢) البخاريّ، كتاب الأذان، باب أمر النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - الذي لا يتمُّ ركوعه بالإعادة، ١/ ١٥٨، ح ٧٩٣. ومسلم، كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة، ٢/ ١١، ح ٣٩٧. [المؤلف]
(٣) في الأصل: تكليفيَّةٌ، وهو سبق قلمٍ.