للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وآله وسلَّم: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ [١٤٢] مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الزمر: ٦٥]، مع آيات أخر قد مر بعضها في أوائل الرسالة.

وقد نُقِلَ عن بعض السلف في قوله تعالى: {وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ} قال: هو إبليس. كذا قال، وسيأتي قريبًا تبرئة الملائكة عليهم السلام من اللعين.

والجواب عن الثاني: أن قولهم عليهم السلام: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا} كان بعد إذن الله تعالى لهم بأن يقولوا، والإذن مفهوم من إخباره لهم. ألا ترى أن الطبيب الماهر قد يقول لتلميذه المطيع الخاضع العارف بقصور نفسه وكمال الطبيب: سأركِّب من لحوم الحيات معجونًا، فيقول التلميذ: كيف تركِّب معجونًا من هذا السمِّ القاتل، والأدوية الخالية عن السمِّ موجودة؟ فهل تشكُّ أيها الناظر في أنَّ الطبيب إنما أراد بإخبار التلميذ أمره بأن يسأل عن الحكمة فيفيده إياها؟ أو تشك أنَّ التلميذ فَهِمَ هذا الأمر؟ أو أنه إنما أراد بسؤاله استكشاف الحكمة؟

[١٤٣] وقد أخرج ابن جرير بسند صحيح عن قتادة قال: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} فاستشار الملائكة في خلق آدم فقالوا {أَتَجْعَلُ ... } (١).

مراد قتادة بقوله: "فاستشار" لازمه من الإذن بإبداء الرأي.

وقال ابن جرير بعد كلام: "وأما دعوى مَنْ زعم أن الله جلَّ ثناؤه كان


(١) تفسير ابن جرير ١/ ١٥٨. [المؤلف]