للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا} [مريم: ٨١ - ٩٣].

فقوله تعالى: {لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا} يدلُّ أنه لم يرد الشياطين؛ لأن المشركين لم يقصدوا تأليه الشياطين حتى يقال: أمَّلوا فيهم أن يكونوا لهم عزًّا، وإنما أمَّلوا العزّ من الملائكة، وقالوا: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى}، و {هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ}، [س ٤٢/أ] ويوضح هذا ما جاء في هذا السياق من قوله تعالى: {لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ}.

وقوله تعالى: {كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا (٨٢)} ظاهر في أنه لم يرد الأصنام، وإنما حكى الله تعالى هذا عن الملائكة في قوله: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ (١٧) قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ ... فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ} [الفرقان: ١٧ - ١٩].

فكفرُهم بعبادتهم هو تبرُّؤهم منها، أي: إنهم لم يأمروا بها ولم يرضوها وكانوا غافلين عنها، كما سيأتي في فصل العبادة إن شاء الله.

وكونهم {عَلَيْهِمْ ضِدًّا} هو شهادتهم عليهم بأنهم كانوا يعبدون الجن وغير ذلك كما يأتي إن شاء الله.

[س ٤٣/أ] وقال تعالى في سورة الأنبياء: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ (١٦) لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ (١٧) بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ (١٨) وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ (١٩)