للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في اتخاذهم آلهة من دونه، {الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} [س ١٣٠/ب] هذه الصفات كان يعترف بها المشركون، ففي ذكرها استدلال على توحُّدِه عزَّ وجلَّ بالألوهية وعلى ما بعده وهو قوله: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} أي ــ والله أعلم ــ: أنَّ اتِّصافه بالصفات المذكورة ــ والمشركون يعترفون بذلك ــ يُحيل أن يتجرَّأَ أحدٌ مِنْ عباده على الشفاعة عنده. أي ــ والله أعلم ــ: في الآخرة مطلقًا, وفي الدنيا بالنسبة إلى الذين عنده كالملائكة.

ثم رأيت في الدُّرِّ المنثور ما لفظه: "وأخرج الطبراني في السنَّة عن ابن عباس {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} يريد الذي ليس معه شريك, فكلٌّ معبود من دونه فهو خلق من خلقه لا يضرُّون ولا ينفعون ولا يملكون رزقًا ولا حياة ولا نشورًا ... {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} يريد الملائكة مثل قوله: {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} [الأنبياء: ٢٨]، {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ} يريد من السماء إلى الأرض {وَمَا خَلْفَهُمْ} يريد ما في السموات، {وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ} يريد مما أطلعهم على علمه ... " (١).

والآية التي استشهد بها هذا سياقُها: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ (٢٦) لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ (٢٧) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ} [الأنبياء: ٢٦ - ٢٨].


(١) انظر: الدرّ المنثور ٢/ ٩ و ١٩.