للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله تعالى: {وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (١٥٨)} يريد والله أعلم: ولقد علم الجنُّ إنَّ عابديها لمحضرون العذاب.

وقوله: {إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ} قال في الكشاف: استثناء منقطع من المحضَرين، معناه: ولكنَّ المخلصين ناجون. و {سُبْحَانَ اللَّهِ} اعتراض بين الاستثناء وبين ما وقع منه. ويجوز أن يقع الاستثناء عن الواو في: {يَصِفُونَ}، أي يصفه هؤلاء بذلك، [٣٤٤] ولكنَّ المخلصين براءٌ من أن يصفوه به (١).

أقول: والأوَّل هو المختار والموافق لنظائر هذه الآية من هذه السورة وغيرها. منها قوله تعالى: {فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (١٢٧) إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ}. وفي روح المعاني: "قال الطيبي: ويحسن كل الحسن إذا فُسِّر الجِنَّة بالشياطين، أي وضمير (إنهم) بالكفرة، ليرجع معناه إلى قوله تعالى حكايةً عن اللعين: {لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٨٢) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} [ص: ٨٢ - ٨٣] " (٢).

وقوله تعالى: {فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ (١٦١) مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ (١٦٢) إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ} [الصافات: ١٦١ - ١٦٣] تعليل ــ والله أعلم ــ لاستثناء المخلَصين. أي: فإنكم معشر المشركين أنتم والشياطين التي تعبدونها لا تفتنونهم أي المخلصين, وإنما تفتنون مَن سبق في علم الله تعالى أنه صال الجحيم, وليس المخلَصون كذلك.

قال أبو السعود: " {وَمَا تَعْبُدُونَ} عبارةٌ عن الشَّياطينِ الذين أغوَوهم ...


(١) الكشاف ٢/ ٢٧٢. [المؤلف]
(٢) روح المعاني ٧/ ٣٢٠. [المؤلف]