للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن يطبِّق تلك العقيدة على العقل فاستشنع ما كان يعتقده العامَّة من أنَّ الله تعالى وقع على مريم فأحبلها, تعالى الله عما يقولون علوًّا كبيرًّا.

فمنهم مَن زعم أن الله تعالى هو نفسه حلَّ في مريم لأنهم يجدون كثيرًا من الأمم قد تورَّطت في اعتقاد الحلول.

ومنهم مَن زعم أن الذي حلَّ في بطن مريم بعضٌ من الله.

والعاقل يعلم أن ما استشنعه المتفلسفون من قول العامة ليس بأشنع مما قالوه هم أعني المتفلسفين.

والمقصود هنا إنما هو بيان معنى تأليههم المسيح وأمه عليهما السلام فأقول:

قال الله تعالى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٧٣) أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ [٣٨١] وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٧٤) مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (٧٥) قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا} [المائدة: ٧٣ - ٧٦].

ليس المراد بالثلاثة هنا ما اشتهر عن النصارى من أن الله تعالى ثلاثة أقانيم، وإنما المراد بالثلاثة: الله تعالى وعيسى وأمه.

ويدلُّ على ذلك أمران: