للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (٧٨) إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [الأنعام: ٧٠ - ٧٩].

قال ابن جريرٍ: «حدَّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ: قول قوم إبراهيم لإبراهيم: تركتَ عبادة هذه، فقال: {إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} فقالوا: ما جئت بشيءٍ، ونحن نعبده ونتوجَّهه، فقال: لا. {حَنِيفًا}، قال: مخلصًا، لا أشركه كما تشركون» (١).

ثم قال تعالى: {وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ (٨٠) وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨١) الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} [الأنعام: ٨٠ - ٨٢].

[٤٢٤] كأنَّ محاجَّتهم له ــ والله أعلم ــ كانت بذكر الروحانيِّين، وكذا التخويف كان بهم، وهذا يدلُّ أنهم كانوا يزعمون للروحانيِّين قدرةً على النفع والضرِّ، وأنه يخشى أن يضروا مَن ينهى عن عبادتهم، وقد يجوز أن يكونوا لم يثبتوا للروحانيِّين إلا الشفاعة، أي سؤال الله تعالى أن ينفع أو أن يضرَّ، وسيأتي تحقيق المقام إن شاء الله تعالى في الكلام على عبادة الملائكة (٢).


(١) تفسير ابن جريرٍ ٧/ ١٥١ - ١٥٢.
(٢) انظر ص ٧١٢ - ٧١٥.