اعتذر إليه بأنه إنما يعبد الأصنام لأجل الكواكب، فانتقل إلى النظر في الكواكب.
والظاهر أن المراد بالربِّ في قوله:{هَذَا رَبِّي} المعبود، لا بمعنى الخالق القديم الواجب الوجود؛ فإنَّ القوم كما تقدَّم كانوا يعترفون بأن الله عزَّ وجلَّ هو الربُّ القديم الواجب الوجود، وإنما يشركون به غيره، ويشهد لهذا قوله تعالى حكاية عن إبراهيم: {قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (٧٥) أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ (٧٦) فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء: ٧٥ - ٧٧] , وقال تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (٢٦) إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ} [الزخرف: ٢٦ - ٢٧]؛ [٤٢٣] فالاستثناء في هاتين الآيتين يدلُّ على أن القوم كانوا يعبدون الله تعالى ويشركون به غيره؛ إذ الأصل في الاستثناء الاتصال.
ثم رأيت في تفسير ابن جريرٍ ما لفظه: «حدَّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، يقول:{وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ} الآية [يوسف: ١٠٦]، قال: ليس أحدٌ يعبد مع الله غيره إلا وهو مؤمنٌ بالله ويعرف أن الله خالقه ورازقه، وهو يشرك به، ألا ترى كيف قال إبراهيم: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (٧٥) أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ (٧٦) فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء: ٧٥ - ٧٧]، قد عرف أنهم يعبدون ربَّ العالمين مع ما يعبدون» (١).
وقال تعالى حكايةً عن إبراهيم عليه السلام {فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَاقَوْمِ إِنِّي