للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم قال أبو داود بعد أبوابٍ: (باب الرجل يقوم للرجل يعظِّمه بذلك)، فذكر فيه حديث أبي مجلزٍ، قال: خرج معاوية على ابن الزُّبير وابن عامرٍ، فقام ابن عامرٍ وجلس ابن الزُّبير، فقال معاوية لابن عامرٍ: اجلس، فإني سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم يقول: «مَن أحبَّ أن يَمْثُل له الرجال قيامًا فليتبوَّأ مقعده من النار».

وحديث أبي أمامة: قال: خرج علينا رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم متوكِّئًا على عصا، فقمنا إليه، فقال: «لا تقوموا كما تقوم الأعاجم يعظِّم بعضها بعضًا» (١).

وللنوويِّ رسالةٌ في هذه المسألة (٢)، ومال إلى الجواز في بعض الصور، وتعقَّبه ابن الحاجِّ فأجاد (٣)، ولَخَّص ذلك الحافظُ ابن حجرٍ في فتح الباري (٤).

ومن عجيب ما قاله النوويُّ أنه قال في الجواب عن حديث أنسٍ: إنه - صلى الله عليه وسلم - خاف عليهم الفتنة إذا أفرطوا في تعظيمه، فكره قيامهم له لهذا المعنى، كما قال: «لا تطروني» (٥)، ولم يكره قيام بعضهم لبعضٍ.


(١) سنن أبي داود، كتاب الأدب، بابٌ في قيام الرجل للرجل، ٢/ ٣٥٥، ح ٥٢٢٩ - ٥٢٣٠. [المؤلف]
(٢) عنوانها: الترخيص في الإكرام بالقيام، وهي مطبوعة.
(٣) انظر: المدخل لابن الحاج ١/ ١٤٠ - ١٦٥.
(٤) ١١/ ٣٨ - ٤٣. [المؤلف]
(٥) أخرجه البخاريُّ في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ}، ٤/ ١٦٧، ح ٣٤٤٥، من حديث عمر رضي الله عنه، وتمامه: «كما أطرت النصارى ابن مريم؛ فإنما أنا عبده، فقولوا: عبد الله ورسوله».