للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العالم أو الصالح أخطأ رأيته يتعوَّذ بالله تعالى، ويجتهد في طرد ذلك الخاطر عن نفسه.

ومنهم مَن إذا ظهر له في شيء من الأعمال أنه شركٌ أو لم يظهر له ولكنه سَمِع شيخه يقول ذلك بادر إلى الحكم على كلِّ مَنْ فعل ذلك من السلف والخلف بأنهم مشركون، لا فرق بينهم وبين عُبَّاد الأوثان.

والحق التوسُّط بين هذين.

وأُعيذُك بالله عزَّ وجلَّ أن يحملك هذا الكلامُ على [٥٦٦] التهاون بمسألة التوحيد فتهجُم على شيء من الأعمال التي قد قيل إنها شرك قائلًا: إن كان في نفس الأمر شركًا فأنا معذور؛ فإنَّ الخطر عظيم، ولعلَّ عُذْرَكَ لا يكون من القوَّة بحيث يقبله الله تعالى منك، فانظر لنفسك، فإنْ شَكَكْت في شيء فدعه، فلعلَّ الله تعالى يقول لك: لِم صَنَعْتَ كذا وكذا وقد قيل لك: إنه شرك، وليس عندك يقين بأنه ليس بشرك, وأنت تعلم أنك لو تركتَه لما كان عليك إثم ولا حرج؟

وما مَثَلُكَ إلا مَثَلُ رجل وجد امرأة نائمة على سريره وشكَّ أزوجته هي أم أمُّه، فقال لنفسه: لأضطجِعنَّ معها؛ فإنَّ الاضطجاع مع الزوجة مستحبٌّ في الشرع، فإن كان (١) أمي فلم أتعمَّدْها، وقد وقع فلان على أمه معتقدًا أنها زوجته فأفتاه العلماء بأنه لا إثم عليه، بل هو مأجور!

واعلم أنه لو لم يكن في اجتناب ما قيل إنه شرك إلا سدّ باب الاختلاف بين الأمة في هذا الأمر لكان من أعظم القربات عند الله عزَّ وجلَّ.


(١) كذا في الأصل.