فعلمنا أنَّنا إذا أطعنا الله عزَّ وجلَّ أحبتنا الملائكة، وفي ذلك كفاية.
فإن قالوا: فإنَّ في الإسلام من تعظيم الأنبياء ومن يظن بهم الصلاح من البشر [٦٠٠] وتعظيم الكعبة والحجر الأسود ما هو أعظم مما فيه من إكرام الملائكة الذي ذكرتموه.
قلنا: قد أعلمناكم أنَّ مدار الحق في الأقوال والأفعال على ما أنزل الله تعالى به سلطانًا، فما أنزل الله تعالى به سلطانًا من الأقوال والأفعال التي أشرتم إليها فهو حقٌّ وطاعة لله عزَّ وجلَّ. وهو عالم الغيب والشهادة أحكم الحاكمين، لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون، فعلينا أن نعمل ما أمرنا به ونقف عما عداه، عالمين أنَّ له في كل شيء حكمة بالغة وإن لم نفهمها. ومَنْ ذا الذي يزعم أن علمه كعلم الله تعالى وأن حكمته كحكمته؟
ولولا خشية التطويل لبحثنا في تفصيل ما أمر الله تعالى به مما أشرتم إليه، وبيانِ الفرق الواضح بينه وبين ما لم يأمر الله به ولم يأذن فيه، على حسب ما يفتح الله به علينا من العلم. وقد مرّ بعض ذلك، ولعلَّه يأتي زيادة فيه، ومن أوتي حظًّا من العلم وكان حريصًا على إصابة الحق صادق الافتقار إلى ربه تعالى، فإنه سيدرك ذلك بالتدبُّر إن شاء الله تعالى.