رسالة الله ودينه، والكاذب عليه يُدخل في دينه ما ليس منه عمدًا، ويزعم أنه يجب على الأمة التصديق بهذا الخبر وامتثال هذا الأمر؛ لأنه دين الله، مع العلم بأنه ليس لله بدين، والزيادة في الدين كالنقص منه، ولا فرق بين من يكذِّب بآية من القرآن أو يصنف كلامًا ويزعم أنه سورة من القرآن عامدًا لذلك.
وأيضًا, فإن تعمد الكذب عليه استهزاء به واستخفاف؛ لأنه يزعم أنه أمر بأشياء ليست مما أمر به، بل وقد لا يجوز الأمر بها، وهذه نسبة له إلى السفه، أو أنه يخبر بأشياء باطلة، وهذا نسبة له إلى الكذب، وهو كفر صريح.
وأيضًا، فإنه لو زعم زاعم أن الله فرض صوم شهر آخر غير رمضان أو صلاة سادسة زائدة ونحو ذلك, أو أنه حرَّم الخبز واللحم, عالمًا بكذب نفسه, كفر بالاتفاق. فمن زعم أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم أوجب شيئًا لم يوجبه أو حرم شيئًا لم يحرمه فقد كذب على الله كما كذب عليه الأول, وزاد عليه بأن صرَّح بأن الرسول قال ذلك، وأنه ــ أعني القائل ــ لم يقله اجتهادًا واستنباطًا. وبالجملة، فمن تعمّد الكذب الصريح على الله فهو المتعمد لتكذيب الله وأسوأ حالًا، وليس يخفى أن من كذب على من يجب تعظيمه فإنه مستخِفٌّ به مستهين [٦١٩] بحقه.
وأيضًا، فإن الكاذب عليه لا بدَّ أن يَشِينه بالكذب عليه وينقصه بذلك، ومعلوم أنه لو كذب عليه كما كذب عليه ابن أبي سَرْح في قوله: كان يتعلَّم مني، أو رماه ببعض الفواحش الموبقة أو الأقوال الخبيثة كفر بذلك، فكذلك الكاذب عليه؛ لأنه إما أن يَأثُر عنه أمرًا أو خبرًا أو فعلًا؛ فإن أَثَر عنه أمرًا لم يأمر به فقد زاد في شريعته، وذلك الفعل لا يجوز أن يكون مما يأمر به؛ لأنه