للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- وعن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- قال: إنّ محمّداً صلى الله عليه وسلّم قال: ((ألا أنبّئكم ما العضة؟ هي النّميمة القالة بين النّاس)). وإنّ محمّداً صلى الله عليه وسلّم قال: ((إنّ الرّجل يصدق حتّى يكتب صدّيقاً، ويكذب حتّى يكتب كذّاباً)) (١).

قال المناوي: ((القالة بَين النَّاس)): أي كثرة القول وإيقاع الخصومة بينهما فيما يحكى للبعض عن البعض وقيل القالة بمعنى المقولة وزعم بعضهم أن القالة هنا جمع وهم الذين ينقلون الكلام ويوقعون الخصومة بين الناس) (٢).

وقال ابن عثيمين: (هي النميمة: أن ينقل الإنسان كلام الناس بعضهم في بعض من أجل الإفساد بينهم، وهي من كبائر الذنوب) (٣).

- وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا – قَالَ: ((مَرَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَبْرَيْنِ، فَقَالَ: إنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ أَمَّا أَحَدُهُمَا: فَكَانَ لَا يَسْتَتِرُ مِنْ الْبَوْلِ، وَأَمَّا الْآخَرُ: فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ فَأَخَذَ جَرِيدَةً رَطْبَةً، فَشَقَّهَا نِصْفَيْنِ، فَغَرَزَ فِي كُلِّ قَبْرٍ وَاحِدَةً فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لِمَ فَعَلْتَ هَذَا؟ قَالَ: لَعَلَّهُ يُخَفَّفُ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَيْبَسَا)) (٤).

قال ابن بطال: (ومعنى الحديث: الحض على ترك النميمة) (٥).

وقال ابن دقيق العيد: (فِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى عِظَمِ أَمْرِ النَّمِيمَةِ، وَأَنَّهَا سَبَبُ الْعَذَابِ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى النَّمِيمَةِ الْمُحَرَّمَةِ) (٦).

وقال الشوكاني: (وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى نَجَاسَةِ الْبَوْلِ مِنْ الْإِنْسَانِ وَوُجُوبِ اجْتِنَابِهِ وَهُوَ إجْمَاعٌ، وَيَدُلُّ أَيْضًا عَلَى عِظَمِ أَمْرِهِ وَأَمْرِ النَّمِيمَةِ، وَأَنَّهُمَا مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ عَذَابِ الْقَبْرِ) (٧).


(١) روى مسلم شطره الأول (٢٦٠٦)، ورواه أحمد بتمامه (١/ ٤٣٧) (٤١٦٠).
(٢) ((فيض القدير)) للمناوي (٣/ ١٣٣).
(٣) ((شرح رياض الصالحين)) لابن عثيمين (٦/ ١٤٧).
(٤) رواه البخاري (٦٠٥٢)، ومسلم (٢٩٢).
(٥) ((شرح صحيح البخاري)) لابن بطال (٣/ ٣٤٦).
(٦) ((إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام)) لابن دقيق العيد (١/ ١٠٤).
(٧) ((نيل الأوطار)) للشوكاني (١/ ١٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>