للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[أقسام الكبر]

ينقسم الكبر إلى ثلاثة أقسام بعضها أشد من بعض وإن كانت كلها مذمومة إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم والناس جميعاً, وقد ذكر هذه الأقسام ابن حجر الهيتمي في كتابه الزواجر عن اقتراف الكبائر فقال: (الْكِبْرُ:

- إمَّا عَلَى اللَّهِ - تَعَالَى - وَهُوَ أَفْحَشُ أَنْوَاعِ الْكِبْرِ. كَتَكَبُّرِ فِرْعَوْنَ وَنُمْرُودَ حَيْثُ اسْتَنْكَفَا أَنْ يَكُونَا عَبْدَيْنِ لَهُ تَعَالَى وَادَّعَيَا الرُّبُوبِيَّةَ، قَالَ تَعَالَى: إنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ [غافر: ٦٠] أَيْ صَاغِرِينَ. لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ الْآيَةَ [النساء: ١٧٢].

- وَإِمَّا عَلَى رَسُولِهِ بِأَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ الِانْقِيَادِ لَهُ تَكَبُّرًا جَهْلًا وَعِنَادًا كَمَا حَكَى اللَّهُ ذَلِكَ عَنْ كُفَّارِ مَكَّةَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْأُمَمِ.

- وَإِمَّا عَلَى الْعِبَادِ بِأَنْ يَسْتَعْظِمَ نَفْسَهُ وَيَحْتَقِرَ غَيْرَهُ وَيَزْدَرِيَهُ فَيَأْبَى عَلَى الِانْقِيَادِ لَهُ أَوْ يَتَرَفَّعَ عَلَيْهِ وَيَأْنَفَ مِنْ مُسَاوَاتِهِ، وَهَذَا، وَإِنْ كَانَ دُونَ الْأَوَّلَيْنِ إلَّا أَنَّهُ عَظِيمٌ إثْمُهُ أَيْضًا لِأَنَّ الْكِبْرِيَاءَ وَالْعَظَمَةَ إنَّمَا يَلِيقَانِ بِالْمَلِكِ الْقَادِرِ الْقَوِيِّ الْمَتِينِ دُونَ الْعَبْدِ الْعَاجِزِ الضَّعِيفِ، فَتَكَبُّرُهُ فِيهِ مُنَازَعَةٌ لِلَّهِ فِي صِفَةٍ لَا تَلِيقُ إلَّا بِجَلَالِهِ، فَهُوَ كَعَبْدٍ أَخَذَ تَاجَ مَلِكٍ وَجَلَسَ عَلَى سَرِيرِهِ فَمَا أَعْظَمَ اسْتِحْقَاقَهُ لِلْمَقْتِ وَأَقْرَبَ اسْتِعْجَالَهُ لِلْخِزْيِ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ تَعَالَى كَمَا مَرَّ فِي أَحَادِيثَ: إنَّ مَنْ نَازَعَهُ الْعَظَمَةَ وَالْكِبْرِيَاءَ أَهْلَكَهُ، أَيْ لِأَنَّهُمَا مِنْ صِفَاتِهِ الْخَاصَّةِ بِهِ تَعَالَى) (١).


(١) ((الزواجر عن اقتراف الكبائر)) فقال: (١/ ١١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>