للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أقوال السلف والعلماء في الرفق]

- (بلغ عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن جماعة من رعيته اشتكوا من عماله فأمرهم أن يوافوه فلما أتوه قام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أيها الناس أيتها الرعية إن لنا عليكم حقا النصيحة بالغيب والمعاونة على الخير أيتها الرعاة إن للرعية عليكم حقا فاعلموا أنه لا شيء أحب إلى الله ولا أعز من حلم إمام ورفقه، ليس جهل أبغض إلى الله ولا أغم من جهل إمام وخرقه واعلموا أنه من يأخذ بالعافية فيمن بين ظهريه يرزق العافية ممن هو دونه) (١).

- و (روي أن عمرو بن العاص كتب إلى معاوية يعاتبه في التأني فكتب إليه معاوية أما بعد: فإن الفهم في الخير زيادة رشد وإن الرشيد من رشد عن العجلة وإن الجانب من خاب عن الأناة وإن المتثبت مصيب أو كاد أن يكون مصيبا وإن العجل مخطئ أو كاد أن يكون مخطئا وأن من لا ينفعه الرفق يضره الخرق ومن لا ينفعه التجارب لا يدرك المعالي) (٢).

- وقال عمرو بن العاص لابنه عبد الله ما الرفق قال: (تكون ذا أناة فتلاين الولاة قال فما الخرق قال معاداة إمامك ومناوأة من يقدر على ضررك) (٣).

- وعن عروة بن الزبير قال: (كان يقال: الرفق رأس الحكمة) (٤).

- وعن الشعبي قال: (غشي على مسروق في يوم صائف، وكانت عائشة قد تبنته فسمى بنته عائشة، وكان لا يعصي ابنته شيئاً، قال: فنزلت إليه فقالت: يا أبتاه أفطر واشرب، قال: ما أردت لي يا بُنية؟ قالت: الرفق، قال. يا بنية، إنما طلبت الرفق لنفسي في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة)، وفي رواية: (إنما طلبت الرفق لتعبي)

- وقال سفيان لأصحابه: (تدرون ما الرفق قالوا قل يا أبا محمد قال أن تضع الأمور من مواضعها الشدة في موضعها واللين في موضعه والسيف في موضعه والسوط في موضعه) (٥).

- قال وهب بن منبه: (الرفق ثني الحلم) (٦).

- وعن قيس بن أبي حازم قال كان يقال: (الرفق يمن، والخرق شؤم) (٧).

- وعن حبيب بن حجر القيسيّ قال: (كان يقال: ما أحسن الإيمان يزينه العلم وما أحسن العلم يزينه العمل وما أحسن العمل يزينه الرفق) (٨).

- وقال ابن القيم: (من رَفَقَ بعبادِ الله رَفَقَ الله به، ومن رحمهم رحمه، ومن أحسن إليهم أحسن إليه، ومن جاد عليهم جاد الله عليه، ومن نفعهم نفعه، ومن سترهم ستره، ومن منعهم خيره منعه خيره، ومن عامل خلقه بصفةٍ عامله الله بتلك الصِّفة بعينها في الدنيا والآخرة، فالله تعالى لعبده حسب ما يكون العبد لخلقه) (٩).

- قال ابن حجر: (لا يتعمق أحد في الأعمال الدينية ويترك الرفق إلا عجز وانقطع فيغلب) (١٠).

- وقال أَبُو حاتم: (الواجب على العاقل لزوم الرفق في الأمور كلها وترك العجله والخفة فيها إذ اللَّه تعالى يحب الرفق في الأمور كلها ومن منع الرفق منع الخير كما أن من أعطي الرفق أعطي الخير ولا يكاد المرء يتمكن من بغيته في سلوك قصده في شيء من الأشياء على حسب الذي يحب إلا بمقارنة الرفق ومفارقة العجلة) (١١).

- وقال أيضاً: (العاقل يلزم الرفق في الأوقات والاعتدال في الحالات لأن الزيادة على المقدار في المبتغى عيب كما أن النقصان فيما يجب من المطلب عجز وما لم يصلحه الرفق لم يصلحه العنف ولا دليل أمهر من رفق كما لا ظهير أوثق من العقل ومن الرفق يكون الاحتراز وفي الاحتراز ترجى السلامة وفي ترك الرفق يكون الخرق وفي لزوم الخرق تخاف الهلكة) (١٢).


(١) رواه الطبري في ((تاريخه)) (٤/ ٢٢٤).
(٢) ((إحياء علوم الدين)) (٣/ ١٨٦).
(٣) ((إحياء علوم الدين)) (٣/ ١٨٦).
(٤) رواه ابن أبي شيبة (٥/ ٢٠٩) (٢٥٣٠٨)، ووكيع في ((الزهد)) (ص٧٧٦)، وأحمد في ((الزهد)) (ص٤٤)، وهناد في ((الزهد)) (٢/ ٦٥٣).
(٥) ((إحياء علوم الدين)) للغزالي (٣/ ١٨٦).
(٦) ((إحياء علوم الدين)) للغزالي (٣/ ١٨٦).
(٧) ((الزهد)) لهناد بن السري (٢/ ٦٥٤).
(٨) ((عيون الأخبار)) لابن قتيبة (١/ ٣٩٦).
(٩) ((الوابل الصيب)) (ص٣٥).
(١٠) ((فتح الباري)) لابن حجر (١/ ٩٤).
(١١) ((روضة العقلاء)) لابن حبان البستي (ص ٢١٥).
(١٢) ((روضة العقلاء)) لابن حبان البستي (ص ٢١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>