(وقعت الآكلة في رجل عروة بن الزبير، فصعدت في ساقه، فبعث إليه الوليد، فحُمل إليه ودعا الأطباء فقالوا: ليس له دواء إلا القطع، وقالوا له: اشرب المرقِد، فقال عروة للطبيب: امض لشأنك، ما كنت أظن أن خلقا يشرب ما يزيل عقله حتى يعرف به. فوضع المنشار على ركبته اليسرى، فما سُمع له حسّ، فلما قطعها جعل يقول: لئن أخذت لقد أبقيت، ولئن ابتليت لقد عافيت. وما ترك جزءه من القرآن تلك الليلة. قال الوليد: ما رأيت شيخا قط أصبر من هذا. ثم إنه أصيب بابنه محمد في ذلك السفر، ركضته بغلة في اصطبل، فلم يُسمع من عروة في ذلك كلمة. فلما كان بوادي القرى قال: لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا [الكهف:٦٣]، اللهم كان لي بنون سبعة، فأخذت واحدا وأبقيت لي ستة، وكان لي أطراف أربعة، فأخذت واحدا وأبقيت ثلاثة، ولئن ابتليت لقد عافيت، ولئن أخذت لقد أبقيت)(١).