للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فوائد التحلي بالمروءة واجتناب ما يخرمها]

١. صون النفس، وهو حفظها وحمايتها عما يشينها، ويعيبها ويزري بها عند الله عز وجل وملائكته، وعباده المؤمنين وسائر خلقه، فإن من كرمت عليه نفسه وكبرت عنده صانها وحماها، وزكاها وعلاها، ووضعها في أعلى المحال، وزاحم بها أهل العزائم والكمالات، ومن هانت عليه نفسه وصغرت عنده ألقاها في الرذائل، وأطلق شناقها، وحل زمامها وأرخاه، ودساها ولم يصنها عن قبيح؛ فأقل ما في تجنب القبائح صون النفس.

٢. توفير الحسنات، ويكون ذلك من وجهين:

أحدهما: توفير زمانه على اكتساب الحسنات، فإذا اشتغل بالقبائح نقصت عليه الحسنات التي كان مستعداً لتحصيلها.

والثاني: توفير الحسنات المفعولة عن نقصانها، بموازنة السيئات وحبوطها، فإن السيئات قد تحبط الحسنات، وقد تستغرقها بالكلية أو تنقصها، فلابد أن تضعفها قطعاً؛ فتجنبها يوفر ديوان الحسنات، وذلك بمنزلة من له مال حاصل، فإذا استدان عليه؛ فإما أن يستغرقه الدين أو يكثره أو ينقصه، فهكذا الحسنات والسيئات سواء.

٣. صيانة الإيمان، وذلك لأن الإيمان عند جميع أهل السنة يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، وقد حكاه الشافعي وغيره عن الصحابة والتابعين ومن بعدهم، وإضعاف المعاصي للإيمان أمر معلوم بالذوق والوجود، فإن العبد – كما جاء في الحديث – إذا أذنب نكت في قلبه نكتة سوداء، فإن تاب واستغفر صقل قلبه، وإن عاد فأذنب نكت فيه نكتة أخرى حتى تعلو قلبه (١).

٤. سبيل إلى نيل المطلوب العالي والسبق إليه وإن كثر عليه المتنافسون, قال بعْض الْعلماءِ: إذَا طلب رجلانِ أَمْرًا ظفِر بِهِ أَعْظمهما مروءةً (٢).

٥. التحلي بها مما يزيد في ماء والوجه وبهجته قال ابن القيم رحمه الله: أَربعةٌ تزِيد فِي ماءِ الوجهِ وبهجتِهِ المروءة والوفاء والكرم والتّقوى (٣).

٦. تحجز المرء عن كل لذة يتبعها ألم, وكل شهوة يلحقها ندم فهي جنة عن اللذائذ المحرمة والشهوات المهلكة, وقد قيل: (الدين والمروءة والعقل والروح ينهين عن لذة تعقب ألما، وشهوة تورث ندما) (٤).

٧. والمروءة مانعة من الكذب باعثة على الصدق؛ لأنها قد تمنع من فعل ما كان مستكرها، فأولى من فعل ما كان مستقبحا. (٥).

٨. داعية إلى إنصاف الرجل لجميع الخلق سواء في ذلك من كان دونه أو من كان فوقه لا يفرق بين هؤلاء وهؤلاء.

٩. داعية إلى الرفعة والعلو, والمنافسة في خيري الدنيا والآخرة, وعدم الرضا من الشيء إلا بأعلاه وغايته.

١٠. تحمل صاحبها إلى الترفع عن سفاسف الأمور ومحقراتها.

١١. تحجزه عن الوقوع في مواطن الريب والشبهات, وإن حصل ووقع في مثل هذه المواطن تحمله على التخلص منها وعدم الرجوع إليها.

١٢. جالبة محبة الله تبارك وتعالى للعبد, ومن ثم محبة الخلق له.

١٣. صاحبها صاحب حزم وعزم, وقوة ورأي, يضع الأمور في نصابها.

١٤. تخلّص الإنسان من الهوى والشهوات.


(١) ((المروءة وخوارمها)) (ص: ٣٥٣ – ٣٥٥).
(٢) ((أدب الدنيا والدين)) (ص٣٢٧).
(٣) ((زاد المعاد في هدي خير العباد)) (٤/ ٣٧٢).
(٤) ((غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب)) (٢/ ٤٥٦).
(٥) ((أدب الدنيا والدين)) (ص٢٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>