للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[أقسام الغضب]

الغضب ينقسم إلى قسمين: غضب مذموم وغضب ممدوح.

١ - الغضب المذموم

فالغضب المذموم هو الذي نُهي عنه وذُم في الأحاديث التي وردت وهو خلق سيئ.

(لأنه يخرج العقل والدين من سياستهما، فلا يبقى للإنسان مع ذلك نظر ولا فكر ولا اختيار) (١).

٢ - الغضب المحمود

الغضب المحمود هو أن يكون لله عز وجل عند ما تنتهك حرماته، والغضب على أعدائه من الكفّار والمنافقين والطّغاة والمتجبّرين، وقد ذكر القرآن ذلك للرّسل الكرام في مواضع عديدة، ووردت أحاديث كثيرة تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغضب لله عز وجل،

قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ [التوبة:٧٣]

قال الكلاباذي في قوله تعالى حكاية عن موسى: مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي [طه: ٩٢ - ٩٣] قال: (فكانت تلك الحدة منه والغضب فيه صفة مدح له لأنها كانت لله، وفي الله كما كانت رأفة النبي صلى الله عليه وسلم ورحمته في الله ولله، ثم كان يغضب حتى يحمر وجهه، وتذر عروقه لله وفي الله، وبذلك وصف الله تعالى المؤمنين بقوله: أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ [الفتح:٢٩] وفي الله، وبذلك وصف الله تعالى المؤمنين بقوله: أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ [الفتح: ٢٩]، وقال تعالى: أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ [المائدة: ٥٤]) (٢).

قال الباجي: (وأما فيما يعاد إلى القيام بالحق فالغضب فيه قد يكون واجبا وهو الغضب على الكفار والمبالغة فيهم بالجهاد وكذلك الغضب على أهل الباطل وإنكاره عليهم بما يجوز، وقد يكون مندوبا إليه، وهو الغضب على المخطئ إذا علمت أن في إبداء غضبك عليه ردعا له وباعثا على الحق، وقد روى زيد بن خالد الجهني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سأله رجل عن ضالة الإبل ... وقال مالك ولها وغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم لما شكا إليه رجل معاذ بن جبل أنه يطول بهم في الصلاة) (٣).


(١) ((مختصر منهاج القاصدين)) لابن قدامة (ص ٢٣٢).
(٢) ((معاني الأخبار)) للكلاباذي (ص ٣٥٨).
(٣) ((المنتقى شرح الموطا)) للباجي (٧/ ٢١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>