للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فضل الورع والحث عليه:]

- قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ [المؤمنون: ٥١].

قال السعدي: (هذا أمر منه تعالى لرسله بأكل الطيبات، التي هي الرزق الطيب الحلال، وشكر الله، بالعمل الصالح، الذي به يصلح القلب والبدن، والدنيا والآخرة. ويخبرهم أنه بما يعملون عليم، فكل عمل عملوه، وكل سعي اكتسبوه، فإن الله يعلمه، وسيجازيهم عليه أتم الجزاء وأفضله، فدل هذا على أن الرسل كلهم، متفقون على إباحة الطيبات من المآكل، وتحريم الخبائث منها) (١).

- وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((فضل العلم أحب إلي من فضل العبادة، وخير دينكم الورع)) (٢).

قال المناوي: (لأن الورع دائم المراقبة للحق مستديم الحذر أن يمزج باطلا بحق كما قال الحبر كان عمر كالطير الحذر والمراقبة توزن بالمشاهدة ودوام الحذر يعقب النجاة والظفر) (٣).

- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا أبا هريرة كن ورعاً تكن أعبد الناس)) (٤).

(أي داوم عليه في جميع الحالات حتى يصير طبعا لك فتكون أعبد الناس لدوام مراقبتك واشتغالك بأفضل العبادات بظاهرك وباطنك بإيثار حقك على حظك وهذا كمال العبودية ولهذا قال الحسن: ملاك الدين الورع وقد رجع ابن المبارك من خراسان إلى الشام في رد قلم استعاره منها وأبو يزيد إلى همدان لرد نملة وجدها في قرطم اشتراه وقال: غريبة عن وطنها وابن أدهم من القدس للبصرة لرد تمرة فانظر إلى قوة ورع هؤلاء وتشبه بهم إن أردت السعادة) (٥).

- وعن الحسن بن علي- رضي الله عنهما- قال: حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، فإن الصدق طمأنينة، وإن الكذب ريبة)) (٦).

قال ابن حجر: (قوله يريبك بفتح أوله ويجوز الضم يقال رابه يريبه بالفتح وأرابه يريبه بالضم ريبة وهي الشك والتردد والمعنى إذا شككت في شيء فدعه، وترك ما يشك فيه أصل عظيم في الورع ... قال الخطابي كل ما شككت فيه فالورع اجتنابه) (٧).

- وعن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((اشترى رجل من رجل عقارا له، فوجد الرجل الذي اشترى العقار في عقاره جرة فيها ذهب. فقال له الذي اشترى العقار: خذ ذهبك مني، إنما اشتريت منك الأرض ولم أبتع منك الذهب. وقال الذي له الأرض: إنما بعتك الأرض وما فيها، فتحاكما إلى رجل، فقال الذي تحاكما إليه: ألكما ولد؟ قال: أحدهما: لي غلام. وقال الآخر: لي جارية. قال: أنكحوا الغلام الجارية، وأنفقوا على أنفسهما منه، وتصدقا)) (٨).


(١) ((تيسير الكريم الرحمن)) للسعدي (ص: ٥٥٣).
(٢) رواه الحاكم (١/ ١٧٠) (٣١٤)، والبيهقي في ((الآداب)) (١/ ٣٣٥) (٨٣٠). وصححه السيوطي في ((الجامع الصغير)) (٥٨٦٤)، وصححه الألباني في ((صحيح الجامع)) (٤٢١٤).
(٣) ((فيض القدير)) للمناوي (٣/ ٤٨٧).
(٤) رواه ابن ماجه (٤٢١٧)، وأبو نعيم في ((الحلية)) (١٣/ ٣٦٥)، والبيهقي في ((الشعب)) (٧/ ٤٩٩) (٥٣٦٦). وحسن إسناده البوصيري في ((مصباح الزجاجة)) (٤/ ٢٤٠).
(٥) ((فيض القدير)) للمناوي (٥/ ٥٢).
(٦) رواه الترمذي (٢٥١٦)، والنسائي (٥٧١١)، وأحمد (١/ ٢٠٠) (١٧٢٣). وصححه الترمذي، وصحح إسناده الحاكم، وصححه الذهبي.
(٧) ((فتح الباري)) لابن حجر (٥/ ٥٢).
(٨) رواه البخاري (٣٤٧٢) ومسلم (١٧٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>