للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[آثار قسوة القلب والغلظة والفظاظة]

قال ابن القيم: (سبحانه الذي جعل بعض القلوب مخبتا إليه وبعضها قاسيا وجعل للقسوة آثارا وللإخبات آثاراً فمن آثار القسوة:

١ - تحريف الكلم عن مواضعه وذلك من سوء الفهم وسوء القصد وكلاهما ناشئ عن قسوة القلب.

٢ - نسيان ما ذكر به وهو ترك ما أمر به علما وعملا) (١).

قال تعالى: فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ [المائدة: ١٣].

٣ - زوال النعم ونزول المصائب والنقم والهلاك.

قال تعالى: وَلَقَدْ أَرْسَلنَآ إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ [الأنعام: ٤٢ - ٤٤].

٤ - القلب القاسي أضعف القلوب إيمانا, وأسرعها قبولاً للشبهات والوقوع في الفتنة والضلال وقوله تعالي: لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ [الحج: ٥٣].

٥ - سبب في الضلال واستحقاق لعنة الله وسخطه وعقابه:

قال تعالى: فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ [الزمر: ٢٣].

٦ - الفتور عن الطاعة والوقوع في المحرمات وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

٧ - الوحشة والخوف الدائم وعبوس الوجه والكآبة.

٨ - التنافر بين القلوب وشيوع الكراهية والبغضاء.

قال تعالى: وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ [آل عمران: ١٥٩].

و (إن الفظاظة تنفر الأصحاب والجلساء وتفرق الجموع والحشم) (٢).

٩ - غلظة القلب من علامة الشقاوة في الدنيا والآخرة.

قال أبو سعيد الخادمي: (من كان فيه الرحمة في هذه الدار فسيرحمه الله تعالى في تلك الدار على قدر رحمته فمن سلب منه ذلك بالقسوة والغلظة، وعدم اللطف بضعيفٍ وشفقةٍ بمبتلى فقد شقي حالًا وكان ذلك علامةً على شقوته مآلًا نعوذ بالله تعالى) (٣).

قسوة القلب والغلظة والفظاظة من صفات الظلمة المتكبرين.

١٠ - قسوة القلب والغلظة والفظاظة سبب في دخول النار.

فعن حارثة بن وهب عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيه: ((أهل النار كل جواظٍ عتل مستكبرٍ)) (٤).


(١) انظر ((شفاء العليل)) لابن قيم الجوزية (١/ ١٠٦).
(٢) ((سراج الملوك)) لأبي بكر الطرطوشي (ص٥٠).
(٣) ((بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية)) لأبي سعيد الخادمي الحنفي (٤/ ١٥١).
(٤) رواه البخاري (٦٦٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>