للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[التحذير من دعوة المظلوم]

قال صلى الله عليه وسلم: ((واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب)) (١).

(أي: مانع بل هي معروضة عليه تعالى. قال السيوطي: أي ليس لها ما يصرفها ولو كان المظلوم فيه ما يقتضي أنه لا يستجاب لمثله من كون مطعمه حراما أو نحو ذلك، حتى ورد في بعض طرقه (وإن كان كافرا) رواه أحمد من حديث أنس قال ابن العربي: ليس بين الله وبين شيء حجاب عن قدرته وعلمه وإرادته وسمعه وبصره ولا يخفى عليه شيء، وإذا أخبر عن شيء أن بينه وبينه حجابا فإنما يريد منعه) (٢).

وقال عليه السلام: ((ودعوة المظلوم تحمل على الغمام وتفتح لها أبواب السماء ويقول الرب عز وجل وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين)) (٣).

ولربما تأخرت إجابة الدعوة، ولكن الله ليس بغافل عما يعمل الظالمون، قال سبحانه: وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأبْصَارُ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِى رُءوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء [إبراهيم:٤٢ - ٤٣]

وقال ميمون بن مهران: في قوله تبارك وتعالى: وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ قال: (تعزية للمظلوم، ووعيد للظالم) (٤).

(وقيل لما حبس بعض البرامكة وولده قال: يا أبت بعد العز صرنا في القيد والحبس.

فقال: يا بني دعوة مظلوم سرت بليل غفلنا عنها ولم يغفل الله عز وجل عنها) (٥).

(وكان يزيد بن حكيم يقول: ما هبت أحدا قط هيبتي رجلا ظلمته وأنا أعلم أنه لا ناصر له إلا الله يقول لي حسبي الله، الله بيني وبينك) (٦).

وقيل لإبراهيم بن نصر الكرماني: (إن القرمطي دخل مكة، وقتل فيها، وفعل وصنع، وقد كثر الدعاء عليه، فلم يستجب للداعين؟

فقال: لأن فيهم عشر خصال، فكيف يستجاب لهم؟ فقلت: وما هن؟ قال: أوّلهنّ: أقرّوا بالله وتركوا أمره؛ والثاني: قالوا: نحبّ الرّسول، ولم يتبعوا سنته؛ والثالث: قرؤوا القرآن ولم يعملوا به؛ والرابع: قالوا: نحبّ الجنّة، وتركوا طريقها؛ والخامس: قالوا: نكره النّار، وزاحموا طريقها؛ والسادس: قالوا: إن إبليس عدّونا، فوافقوه؛ والسابع: دفنوا أمواتهم فلم يعتبروا، والثّامن: اشتغلوا بعيوب إخوانهم ونسوا عيوبهم؛ والتّاسع: جمعوا المال ونسوا الحساب؛ والعاشر: نقضوا القبور وبنوا القصور). (٧).


(١) رواه البخاري (١٤٩٦)، ومسلم (١٩) من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه.
(٢) ((تحفة الأحوذي)) للمباركفوري (٣/ ٢٦٠).
(٣) رواه الترمذي (٣٥٩٨)، وابن ماجه (١٧٥٢)، وأحمد (٢/ ٣٠٤) (٨٠٣٠)، وابن حبان (١٦/ ٣٩٦)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وحسنه الترمذي، وضعفه الألباني في ((ضعيف الترغيب)) (٥٨٣).
(٤) ((مساوئ الأخلاق)) للخرائطي (ص٢٢٠).
(٥) ((الزواجر عن اقتراف الكبائر)) لابن حجر (٢/ ١٢٢).
(٦) ((الزواجر عن اقتراف الكبائر)) لابن حجر (٢/ ١٢٢).
(٧) ((مختصر تاريخ دمشق)) لابن منظور (٤/ ١٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>