للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[نماذج من تواضع الصحابة رضوان الله عليهم:]

اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم كان صحابته رضوان الله عليهم يقومون بما كان يقوم به النبي صلى الله عليه وسلم من الأعمال الجليلة والخلق الكريم من التواضع وخفض الجناح.

(فكان أبوبكر رضي الله عنه يحلب الشاة لجيرانه، وكان عمر رضي الله عنه يحمل قربة الماء، وكان عثمان رضي الله عنه - وهو يومئذ خليفة - يقيل في المسجد ويقوم وأثر الحصباء في جنبه، وكان علي رضي الله عنه يحمل التمر في ملحفة ويرفض أن يحمله عنه غيره، وكان أبو الدرداء ينفخ النار تحت القدر حتى تسيل دموعه.

وصنوة القول إنهم رضي الله عنهم ساروا على نهج الرسول الكريم فلم يستكبر منهم أحد أو يستنكف عن القيام بتلك الأعمال اليسيرة النافعة مهما عظمت مكانة الواحد منهم) (١).

تواضع الصديق رضي الله عنه:

يحلب للحي أغنامهم:

(لما استُخلف - أبو بكر الصديق رضي الله عنه - أصبح غادياً إلى السوق وكان يحلب للحي أغنامهم قبل الخلافة فلما بويع قالت جارية من الحي الآن لا يحلب لنا فقال بلى لأحلبنها لكم وإني لأرجو ألا يغيرني ما دخلت فيه) (٢).

وكان يقول: (وددت أني شعرة في جنب عبد مؤمن) (٣).

قال هذا وهو من المبشرين بالجنة، وهو الصديق العظيم صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخليفته من بعده!!

تواضع عمر رضي الله عنه

يخلع خفيه ويضعهما على عاتقه ويأخذ بذمام ناقته:

عن طارق بن شهاب، قال: (خرج عمر بن الخطاب إلى الشام ومعنا أبو عبيدة بن الجراح فأتوا على مخاضة وعمر على ناقة له فنزل عنها وخلع خفيه فوضعهما على عاتقه، وأخذ بزمام ناقته فخاض بها المخاضة، فقال أبو عبيدة: يا أمير المؤمنين أنت تفعل هذا، تخلع خفيك وتضعهما على عاتقك، وتأخذ بزمام ناقتك، وتخوض بها المخاضة؟ ما يسرني أن أهل البلد استشرفوك، فقال عمر: أوه لم يقل ذا غيرك أبا عبيدة جعلته نكالا لأمة محمد صلى الله عليه وسلم إنا كنا أذل قوم فأعزنا الله بالإسلام فمهما نطلب العزة بغير ما أعزنا الله به أذلنا الله) (٤).

يدعو المساكين والأرقاء فيأكل معهم

عن أبي محذورة قال: (كنت جالسا عند عمر رضي الله عنه، إذ جاء صفوان بن أمية بجفنة يحملها نفر في عباءة، فوضعوها بين يدي عمر، فدعا عمر ناسا مساكين وأرقاء من أرقاء الناس حوله، فأكلوا معه، ثم قال عند ذلك: فعل الله بقوم أو قال لحى الله قوما يرغبون عن أرقائهم أن يأكلوا معهم!! فقال صفوان: أما والله، ما نرغب عنهم، ولكنا نستأثر عليهم، لا نجد والله من الطعام الطيب ما نأكل ونطعمهم) (٥).

- يرفع على عاتقه قربة ماء

وعن عروة بن الزبير رضي الله عنهما قال: (رأيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه على عاتقه قربة ماء فقلت: يا أمير المؤمنين لا ينبغي لك هذا فقال: لما أتاني الوفود سامعين مطيعين دخلت نفسي نخوة فأردت أن أكسرها) (٦).

تواضع عثمان رضي الله عنه

يقيل في المسجد وأثر الحصبى بجنبه وهو خليفة!!


(١) ((الأخلاق الإسلامية)) لجمال نصار - بتصرف - (ص ٢٣٧).
(٢) ((التبصرة)) لابن الجوزي (ص ٤٠٨).
(٣) رواه أحمد في ((الزهد)) (٩٠) رقم (٥٦٠)، وذكره ابن الجوزي في ((المنتظم)) (٤/ ٦٣) من حديث أبي عمر الجوني رحمه الله.
(٤) رواه الحاكم (١/ ١٣٠) (٢٠٧) من حديث طارق بن شهاب رحمه الله. وقال: صحيح على شرط الشيخين. ووافقه الذهبي. وصححه الألباني في ((صحيح الترغيب)) (٢٨٩٣).
(٥) رواه البخاري في ((الأدب المفرد)) (٢٠١) والحسين بن حرب في ((البر والصلة)) (١٨٢) من حديث أبي محذورة رضي الله عنه. وصححه الألباني في ((صحيح الأدب المفرد)) (١٤٨).
(٦) ذكره القشيري في ((الرسالة القشيرية)) (١/ ٢٧٩) من حديث عروة بن الزبير رحمه الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>