للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[من أخبار الجبناء]

- قال أبو الفرج الأصفهاني: (كان أبو حية النميري وهو الهيثم بن الربيع بن زرارة جبانا بخيلا كذابا، قال ابن قتيبة: وكان له سيف يسميه، لعاب المنية، ليس بينه وبين الخشبة فرق، قال: وكان أجبن الناس، قال: فحدثني جار له، قال: دخل ليلة إلى بيته كلب فظنه لصا، فأشرفت عليه، وقد انتضى سيفه وهو واقف في وسط الدار يقول: أيها المغتر بنا، المجترئ علينا، بئس والله ما اخترت لنفسك، خيرٌ قليل، وسيفٌ صقيل، لعاب المنية الذي سمعت به، مشهورة ضربته، لا تخاف نبوته، اخرج بالعفو عنك قبل أن أدخل بالعقوبة عليك، إني والله إن أدع قيسا إليك لا تقم لها، وما قيس؟ تملأ والله الفضاء خيلا ورجلا، سبحان الله ما أكثرها وأطيبها فبينا هو كذلك، إذا الكلب قد خرج، فقال: الحمد لله الذي مسخك كلبا، وكفانا حربا) (١).

- (ولِيمَ بعض الجبناء على جبنه، فقال: أول الحرب شكوى، وأوسطها نجوى، وآخرها بلوى) (٢).

- (وقال آخر: الحرب مقتلة للعباد، مذهبة للطارف والتلاد.

- وقيل لجبان: لم لا تقاتل؟ فقال: عند النطاح يغلب الكبش الأجم.

- وقالوا: الحياة أفضل من الموت، والفرار في وقته ظفر.

- وقالوا: الشجاع ملقى، والجبان موقى. قال البديع الهمداني: ما ذاق هماً كالشجاع ولا خلا. . . بمسرةٍ كالعاجز المتواني

- وقالوا: الفرار في وقته، خير من الثبات في غير وقته.

- وقالوا: السلم أزكى للمال، وأبقى لأنفس الرجال). (٣).

- وقيل لأعرابي: ألا تعرف القتال؟ فإن الله قد أمرك به، فقال: والله إني لأبغض الموت على فراشي في عافية، فكيف أمضي إليه ركضا، قال الشاعر:

تمشي المنايا إلى قومٍ فأبغضها ... فكيف أعدو إليها عاري الكفن (٤)

- وقال الفرار السلمي:

وفوارسٍ لبستها بفوارس ... حتى إذا التبست أملت بها يدي

وتركتهم نقض الرماح ظهورهم ... من بين مقتولٍ وآخر مسند

هل ينفعني أن تقول نساؤهم ... وقتلت دون رجالهم لا تبعد

- وقال آخر:

قامت تشجعني هندٌ فقلت لها ... إن الشجاعة مقرون بها العطب

لا والذي منع الأبصار رؤيته ... ما يشتهي الموت عندي من له أرب

للحرب قوم أضل الله سعيهم ... إذا دعتهم إلى نيرانها وثبوا

- وقيل لجبان في بعض الوقائع: تقدم، فقال:

وقالوا: تقدم قلت لست بفاعل ... أخاف على فخارتي أن تحطما

فلو كان لي رأسان أتلفت واحدا ... ولكنه رأس إذا زال أعقما

وأوتم أولادا وأرمل نسوة ... فكيف على هذا ترون التقدما (٥).

- (وقيل لأعرابي: ألا تغزو العدو؟ قال: وكيف يكونون لي عدواً وما أعرفهم ولا يعرفوني؟) (٦).

- وقال أيمن بن خريم:

إن للفتنة ميطا بينا ... فرويد الميط منهم يعتدل

فإذا كان عطاء فأتهم ... وإذا كان قتال فاعتزل

إنما يسعرهم جهم لهم ... حطب النار فدعهم تشتعل

- وقال أبو دلامة: (كنت مع مروان أيام الضحاك الحروري، فخرج فارس منهم فدعا إلى البراز، فخرج إليه رجل فقتله، ثم ثان فقتله، ثم ثالث فقتله فانقبض الناس عنه وجعل يدنو ويهدر كالفحل المغتلم. فقال مروان: من يخرج إليه وله عشرة آلاف؟ قال: فلما سمعت عشرة آلاف هانت علي الدنيا وسخوت بنفسي في سبيل عشرة آلاف وبرزت إليه، فإذا عليه فرو قد أصابه المطر فارمعل، ثم أصابته الشمس فاقفعل، وله عينان تتقدان كأنهما جمرتان. فلما رآني فهم الذي أخرجني، فأقبل نحوي وهو يرتجز ويقول:


(١) ((نهاية الأرب في فنون الأدب)) للنويري (٣/ ٣٢٠).
(٢) ((نهاية الأرب في فنون الأدب)) للنويري (٣/ ٣٢١).
(٣) ((نهاية الأرب في فنون الأدب)) للنويري (٣/ ٣٢٢).
(٤) ((نهاية الأرب في فنون الأدب)) للنويري (٣/ ٣٢٢).
(٥) ((نهاية الأرب في فنون الأدب)) للنويري (٣/ ٣٢٤).
(٦) ((العقد الفريد)) لابن عبد ربه (١/ ١٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>