للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[صور الغيبة]

الغيبة تكون في جميع الصفات الخُلُقِيَّة والخِلْقِيَّة وفي جميع أمور الدنيا والدين.

وقال الغزالي: (حد الغيبة: أن تذكر أخاك بما يكرهه لو بلغه سواء ذكرته بنقص في بدنه، أو نسبه، أو في خلقه، أو في فعله، أو في قوله، أو في دينه، أو في دنياه .. حتى في ثوبه، وداره، ودابته.

أما البدن، فذكرك العمش، والحول، والقرع، والقصر، والطول، والسواد، والصفرة، وجميع ما يتصور أن يوصف به مما يكرهه، كيفما كان.

وأما النسب، فبأن تقول: أبوه نبطي، أو هندي، أو فاسق، أو خسيس، أو إسكاف، أو زبال، أو شيء مما يكرهه، كيفما كان.

وأما الخُلق، فبأن تقول: هو سيئ الخلق، بخيل، متكبر، مراء شديد الغضب، جبان، عاجز، ضعيف القلب، متهور .. وما يجري مجراه.

وأما في أفعاله المتعلقة بالدين، فكقولك: هو سارق، أو كذاب أو شارب خمر، أو خائن، أو ظالم، أو متهاون بالصلاة، أو الزكاة، أو لا يحسن الركوع، أو السجود، أو لا يحسن قسمتها، أو لا يحرس صومه عن الرفث، والغيبة، والتعرض لأعراض الناس.

وأما فعله المتعلق بالدنيا، فكقولك: إنه قليل الأدب، متهاون بالناس، أو لا يرى لأحد على نفسه حقاً، أو يرى لنفسه الحق على الناس، أو أنه كثير الكلام، كثير الأكل، نئوم، ينام في غير وقت النوم ويجلس في غير موضعه.

وأما ثوبه، فكقولك: إنه واسع الكم، طويل الذيل، وسخ الثياب.

وقال قوم: لا غيبة في الدين، لأنه ذم ما ذمه الله تعالى، فذكره بالمعاصي، وذمه بها يجوز، بدليل ما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرت له امرأة وكثرة صلاحها وصومها، ولكنها تؤذي جيرانها بلسانها، فقال: ((هي في النار)) (١)) (٢).

ومن صور الغيبة:

١ - الإصغاء للغيبة من باب التعجب من فعل الذي اغتيب، وهو بهذا الأسلوب كأنه يستخرج الغيبة من المغتاب فيزيد في غيبته ويندفع فيها.

٢ - ذكر حال الذي اغتيب وإظهار التألم والاستياء لحاله والدعاء له أمام الآخرين.

٣ - أن يقول المستمع للمغتاب اسكت، لكن المستمع لم ينكر ذلك في قلبه، وإنما هو مشتهٍ بذلك، فهذا قد وقع في الغيبة ما لم يكرهه بقلبه.

٤ - أن يذكر الإنسان شخص ما ويمدحه ويذكر اهتمامه والتزامه بالدين، ثم يقول: لكنه ابتلي بما ابتلينا به كلنا من تقصير وفتور في بعض العبادات، وهو بهذا يستنقص من قدر الذي اغتيب، وبذلك وقع في الغيبة.

٥ - أن يتكلم الإنسان بألفاظ أو أسلوب يحاكي فيه الآخرين، بقصد غيبتهم.

٦ - التشبه بالآخرين في مشيتهم بغرض السخرية منهم، كأن يمشي متعرجاً، أو يغمض أحد عينيه محاكاةً للأعور، وغيرها من الحركات التي توحي بالسخرية.


(١) رواه أحمد (٢/ ٤٤٠) (٩٦٧٣)، وابن حبان (١٣/ ٧٦)، والحاكم (٤/ ١٨٣) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وصحح إسناده الحاكم، وصححه الذهبي. وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (٨/ ١٧٢): رجاله ثقات.
(٢) ((آفات اللسان)) لأبي حامد الغزالي (ص١٥٦ - ١٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>