للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أركان إفشاء السر]

لاتقوم جريمة إفشاء السر إلا إذا توافر في إفشاء السر الركن المادي والمعنوي معاً في حالة إفشائه، وسنبين ذلك كما يلي:

الركن الأول: الركن المادي للجريمة:

يشترط لوقوع جريمة إفشاء السر توافر الركن المادي الذي يتمثل في إفشاء نبأ يعد لدى صاحبه سراً، أي يهمه كتمانه، ويشترط فيه ثلاثة شروط:

١) أن يكون الإفشاء تم فعله:

ويقصد بالإفشاء كشف السر واطلاع الغير عليه بأية طريقة، ويشترط أن يكون الإفشاء قد تم فعله بأي وسيلة من وسائل الإفشاء، لأن مجرد التفكير بالإفشاء لا يعتبر جريمة تستحق التعزير.

٢) أن يكون المنقول سراً صحيحاً:

ويشترط أن تكون الوقائع أو الأنباء المنقولة سراً، لأن الوقائع المعروفة لا تعتبر إفشاء للسر، كما يشترط في السر أن يكون سراً صحيحاً، لأن إفشاء معلومات غير صحيحة لا يعتبر من قبيل جريمة إفشاء السر، وإنما يعتبر كذباً أو قذفاً إذا توافرت فيه أركان أي من هاتين الجريمتين.

٣) أن يكون المفشي مكلفاً بالكتمان:

كل عاقل بالغ مكلف بحفظ الأسرار، وهو أمين على كل ما وصل إليه من الأنباء الواقعة السرية، لأن الأدلة الواردة في تحريم إفشاء السر أدلة عامة لم تقيد بالشخصية أو الطائفة المعينة من المكلفين، بل هي العامة لكل من تتوفر فيه شروط التكليف، ولا نقول: مسلم، لأن الكافر مكلف بالأحكام الشرعية.

ولأن كتمان السر، أمر واجب في كل الأديان، قررته فطرة الإنسان ومنطق العقل السليم، قبل أن يكون مقرراً شرعاً.

الركن الثاني: الركن المعنوي للجريمة:

يشترط للعقاب على الإفشاء فضلاً عن توافر الركن المادي أن يكون ذلك الإفشاء صادراً عن قصد العصيان أو ما يسمى اليوم في الاصطلاح القانوني بالقصد الجنائي، فلا يكفي للعقاب أن يكون السر قد انتشر وإنما يجب أن يكون هذا الإفشاء عمدياً.

فيعتبر القصد الجنائي متوافراً متى أقدم الجاني على إفشاء السر عن عمد مع العلم بأن الشارع قد حرم الإفشاء؛ لأن قصد العصيان يجب توفره في كل الجرائم العمدية.

غير أن هناك أحوال لا يتوافر فيها قصد العصيان أو يكون القصد فيها ناقصاً، مما يترتب على ذلك رفع العقاب على الجانب، وذلك في ثلاث حالات:

الخطأ. والنسيان. والإكراه (١).


(١) ((كتمان السر وإفشاؤه في الفقه الإسلامي)) لشريف بن أدول ((ص٩١ - ٩٨) بتصرف واختصار.

<<  <  ج: ص:  >  >>