للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفرق بين الطمع وبعض الصفات]

الفرق بين الحرص والطمع:

قيل: الحرص أشد الطمع، وعليه جرى قوله تعالى: أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ [البقرة: ٢٨٦].

لأن الخطاب فيه للمؤمنين. وقوله - سبحانه -: إِنْ تَحْرِصْ عَلى هُداهُمْ [النحل: ٣٧]، فإن الخطاب فيه مقصور على النبي صلى الله عليه وآله. ولا شك أن رغبته صلى الله عليه وآله في إسلامهم وهدايتهم كان أشد، وأكثر من رغبة المؤمنين المشاركين له في الخطاب الأول في ذلك (١).

الفرق بين الأمل والطمع:

قيل: أكثر ما يستعمل الأمل فيما يستبعد حصوله، فإن من عزم على سفر إلى بلد بعيد يقول: (أملت الوصول إليه) ولا يقول: (طمعت) إلا إذا قرب منه، فإن الطمع لا يكون إلا فيما قرب حصوله. وقد يكون الأمل بمعنى الطمع (٢).

الفرق بين الرجاء والطمع:

أن الرجاء هو الظن بوقوع الخير الذي يعتري صاحبه الشك فيه إلا أن ظنه فيه أغلب وليس هو من قبيل العلم، والشاهد أنه لا يقال أرجو أن يدخل النبي الجنة لكون ذلك متيقناً.

ويقال أرجو أن يدخل الجنة إذا لم يعلم ذلك.

والرجاء الأمل في الخير والخشية والخوف في الشر لأنهما يكونان مع الشك في المرجو والمخوف ولا يكون الرجاء إلا عن سبب يدعو إليه من كرم المرجو أو ما به إليه، ويتعدى بنفسه تقول رجوت زيداً والمراد رجوت الخير من زيد لأن الرجاء لا يتعدى إلى أعيان الرجال.

والطمع ما يكون من غير سبب يدعو إليه فإذا طمعت في الشيء فكأنك حدثت نفسك به من غير أن يكون هناك سبب يدعو إليه، ولهذا ذم الطمع ولم يذم الرجاء، والطمع يتعدى إلى المفعول بحرف فتقول طمعت فيه كما تقول فرقت منه وحذرت منه واسم الفاعل طمع مثل حذر وفرق ودئب؛ إذا جعلته كالنسبة، وإذا بنيته على الفعل قلت طامع (٣).

الفرق بين الطمع والرجاء والأمل:

الطمع يقارب الرجاء، والأمل. لكن الطمع أكثر ما يقال فيما يقتضيه الهوى.

والأمل والرجاء قد يكونان فيما يقتضيه الفكر والروية.

ولهذا أكثر ذم الحكماء للطمع، حتى قيل الطمع طبع، والطمع يدنس الثياب، ويفرق الإهاب (٤).

الْفرق بَين التوقع والطمع:

أن التوقع: هو انتظار شيء وقع أو قرب وقوعه.

والطمع: هو إرادة شيء بعد وقوعه (٥).


(١) ((الفروق اللغوية)) للراغب (١/ ١٨٣).
(٢) ((الفروق اللغوية)) للراغب (١/ ٧٣).
(٣) ((الفروق اللغوية)) للراغب (١/ ٢٤٨).
(٤) ((تفسير الراغب)) (١/ ٢٣٥).
(٥) ((دستور العلماء)) لعبد النبي بن عبد الرسول (١/ ٢٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>