للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفرق بين المحبة وبعض الصفات]

الفرق بين الإِرادة والمحبة:

(أَن الْمحبَّة تجْرِي على الشَّيْء وَيكون المُرَاد بِهِ غَيره، وَلَيْسَ كَذَلِك الإرادة، تَقول: أَحْبَبْت زيداً وَالْمرَاد أَنَّك تحب إكرامه ونفعه، وَلَا يُقَال: أردْت زيداً بِهَذَا الْمَعْنى، وَتقول: أحب الله أَي أحب طَاعَته، وَلَا يُقَال أريده بِهَذَا الْمَعْنى، فَجعل الْمحبَّة لطاعة الله محبَّة لَهُ، كَمَا جعل الْخَوْف من عقابه خوفًا مِنْهُ، وَتقول: الله يحب الْمُؤمنِينَ بِمَعْنى أَنه يريد إكرامهم وإثابتهم، وَلَا يُقَال: إنه يريدهم بِهَذَا الْمَعْنى، وَلِهَذَا قَالُوا: إِن الْمحبَّة تكون ثَوابًا وَولَايَة وَلَا تكون الْإِرَادَة كَذَلِك، ولقولهم: أحب زيداً مزية على قَوْلهم: أُرِيد لَهُ الْخَيْر، وَذَلِكَ أَنه إِذا قَالَ أُرِيد لَهُ الْخَيْر لم يبين أَنه لَا يُرِيد لَهُ شَيْئا من السوء، وَإِذا قَالَ أُرِيد لَهُ الْخَيْر لم يبين أَنه لَا يُرِيد لَهُ شَيْئا من السوء، وَإِذا قَالَ أحبه أبان أَنه لَا يُرِيد لَهُ سوءاً أصلاً، وَكَذَلِكَ إذا قَالَ: أكره لَهُ الْخَيْر لم يبين أَنه لَا يُرِيد لَهُ الخير البته، وَإِذا قَالَ: أبغضه، أبان أَنه لَا يُرِيد لَهُ خيراً البته.

والمحبة أَيْضا تجْرِي مجْرى الشَّهْوَة؛ فَيُقَال: فلَان يحب اللَّحْم، أَي: يشتهيه، وَتقول: أكلت طَعَاماً لا أحبه أَي لَا أشتهيه، وَمَعَ هَذَا فَإِن الْمحبَّة هِيَ الْإِرَادَة) (١).

الفرق بين المحبة والشهوة:

(الشَّهْوَة توقان النَّفس وميل الطباع إِلَى المشتهى وَلَيْسَت من قبيل الْإِرَادَة، والمحبة من قبيل الْإِرَادَة. ونقيضها البغضة، ونقيض الْحبّ البغض، والشهوة تتَعَلَّق بالملاذ فَقَط، والمحبة تتَعَلَّق بالملاذ وَغَيرهَا) (٢).

الفرق بين المحبة والصداقة:

(أَن الصَّدَاقَة قُوَّة الْمَوَدَّة مأخوذة من الشَّيْء الصدْق وَهُوَ الصلب الْقوي، وَقَالَ أَبُو عَليّ رَحمَه الله: الصَّدَاقَة اتفاق الْقُلُوب على الْمَوَدَّة، وَلِهَذَا لَا يُقَال: إِن الله صديق الْمُؤمن كَمَا يُقَال إِنَّه حَبِيبه وخليله) (٣).

الفرق بين الحب والود:

(أَن الْحبّ يكون فِي مَا يُوجِبهُ ميل الطباع وَالحكمَة جَمِيعًا، والود ميل الطباع فَقَط، أَلا ترى أَنَّك تَقول: أحب فلَاناً وأوده وَتقول: أحب الصَّلَاة، وَلَا تَقول: أود الصَّلَاة، وَتقول: أود أَن ذلك كَانَ لي، إِذا تمنيت وداده، وأود الرجل وداً ومودة، والود الوديد، مثل الْحبّ وَهُوَ الحبيب) (٤).

الْفرق بَين الْمحبَّة والعشق:

(أَن الْعِشْق شدَّة الشَّهْوَة لنيل المُرَاد من المعشوق إِذا كَانَ إِنْسَان والعزم على مواقعته عِنْد التَّمَكُّن مِنْهُ وَلم كَانَ الْعِشْق مفارقا للشهوة لجَاز أَن يكون العاشق خَالِيا من أَن يَشْتَهِي النّيل مِمَّن يعشقه إِلَّا أَنه شَهْوَة مَخْصُوصَة لَا تفارق موضعهَا وَهِي شَهْوَة الرجل للنيل مِمَّن يعشقه وَلَا تسمى شَهْوَته لشرب الْخمر وَأكل الطّيب عشقا والعشق أَيْضا هُوَ الشَّهْوَة الَّتِي إِذا أفرطت وَامْتنع نيل مَا يتَعَلَّق بهَا قتلت بها صَاحبهَا وَلَا يقتل من الشَّهَوَات غَيرهَا أَلا ترى أَن أحدا لم يمت من شَهْوَة الْخمر وَالطَّعَام وَالطّيب وَلَا من محبَّة دَاره أَو مَاله وَمَات خلق كثير من شَهْوَة الْخلْوَة مَعَ المعشوق والنيل مِنْهُ) (٥).


(١) ((الفروق اللغوية)) لأبي هلال العسكري (١/ ١٢١).
(٢) ((الفروق اللغوية)) لأبي هلال العسكري (١/ ١٢١).
(٣) ((الفروق اللغوية)) لأبي هلال العسكري (١/ ١٢١).
(٤) ((الفروق اللغوية)) لأبي هلال العسكري (١/ ١٢٢).
(٥) ((الفروق اللغوية)) لأبي هلال العسكري (١/ ١٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>