للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[خصائص الأخلاق الإسلامية]

(لأخلاقنا الإسلامية خصائص مميزة تنفرد بها، وتجعلها ذات شخصية مستقلة، وطبيعة خاصة.

فهي أخلاق تستمد مصدرها من كتاب الله تعالى، وسنة النبي صلى الله عليه وسلم.

وما دامت أخلاقنا الإسلامية تقوم على القرآن والسنة، فهي بذلك تتسم بالشمول، والصلاحية للتطبيق في كل زمان ومكان، كما أنها تتسم بأنها قائمة على الإقناع العقلي والوجداني (العاطفي) معاً، كما أنها تقوم على المسؤولية، فللمسؤولية في أخلاق المسلم جانبان: شخصي وجماعي معاً، كما أنها تحكم على الأعمال ظاهراً وباطناً، فالرقابة الذاتية لها أثرها الفعال في أخلاق المسلم، وهي في النهاية تجعل الجزاء العادل لكل من الأخيار والأشرار في الدنيا والآخرة.

أولاً: الأخلاق الإسلامية ربانية المصدر:

الأخلاق الإسلامية تعتمد على كتاب الله وسنة الني صلى الله عليه وسلم، فهي ربانية الهدف والغاية، وعلى هذا فهي بعيدة كل البعد عن الرأي البشري، والنظام الوضعي، والفكر الفلسفي (١).

وما دامت الأخلاق الإسلامية ربانية المصدر فهي تتسم بسمة الخلود والصدق والصحة، وكيف لا؟ والله تعالى يقول: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [الحجر: ٩] ...

ثانياً: الشمول والتكامل:

من خصائص الأخلاق الإسلامية: إنها شاملة، ومتكاملة، وهي خاصية منبثقة من الخاصية الأولى، وهي الربانية، فالإنسان لأنه محدود الكينونة في الزمان والمكان، والعلم والتجربة، كما أنه محكوم بضعفه وميله وشهوته ورغبته، وقصوره وجهله، لذلك كان من المستحيل أن تكون الأخلاق الوضعية للبشر شاملة وعالمية، فأما حين يتولى الله سبحانه وتعالى ذلك كله، فإن التصور العقائدي، وكذلك المنهج الحياتي للإنسان يجيئان بكل ما يعتور الصبغة البشرية من القصور والنقص، وهكذا كان الشمول خاصية من خصائص الأخلاق الإسلامية (٢) ...

ثالثاً: الصلاحية العامة لكل زمان ومكان:

أخلاقنا الإسلامية ربانية المصدر، وتمتاز بالشمول، ولما كانت كذلك فهي صالح لجميع الناس في كل العصور، وفي جميع الأماكن، نظراً لما تتميز به من اسهولة واليسر، وعدم المشقة، ورفع الحرج عن الناس، وعدم تكليفهم بما لا يطاق.

قال تعالى: يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ [البقرة: ١٨٥].

قال عز وجل: يُرِيدُ اللهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا [النساء: ٢٨] ...

رابعاً: الإقناع العقلي والوجداني:

العقل السليم يقنع بما أتت به الشريعة الإسلامية من نظم أخلاقية متميزة ومستقلة عن غيرها، من النظم الأخلاقية التي وضعها المفكرون والفلاسفة على حسب البيئة التي يعيشون فيها، أو على حسب أهوائهم.

كذلك فإن الجانب الوجداني (العاطفي) والذي محله القلب على قناعة تامة بأصول الأخلاق الإسلامية. إن أخلاقنا الإسلامية بها يقنع العقل السليم، ويرضى بها القلب.

فالعقل السليم، والقلب النير عندما يعلم أن الأخلاق الإسلامية تنهى عن: الكذب، والغيبة، والنميمة، وقول الزور، والظلم، والشح، والعدوان، والمنكر بكل أساليبه يكون على قناعة بهذا الخلق الرباني المتميز والمستقل عن غيره (٣).

خامساً: المسؤولية:

الأخلاق الإسلامية تجعل الإنسان مسؤولاً عما يصدر منه في كل جوانب الحياة، سواء كانت هذه المسؤولية مسؤولية شخصية، أم مسؤولية جماعية، ولا تجعله اتكالياً لا يأبه بما يدور حوله من أشياء، وهذه خاصية من خصائص أخلاقنا انفردت بها الشريعة الغراء.


(١) ((خصائص التصور الإسلامي ومقوماته)) (ص: ٦٥).
(٢) ((أخلاقنا الاجتماعية)) مصطفى السباعي (ص: ١٧٣).
(٣) ((السلوك الاجتماعي في الإسلام)) حسن أيوب (ص: ١٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>