للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[هل للظالم توبة؟]

باب التوبة مفتوح لكل من عصى الله إذا توفرت شروطها، قال تعالى وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً [النساء:١١٠] وقال تعالى فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [المائدة:٣٩]

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الدواوين ثلاثة فديوان لا يغفر الله منه شيئاً، وديوان لا يعبأ الله به شيئاً، وديوان لا يترك الله منه شيئاً، فأما الديوان الذي لا يغفر الله منه شيئاً: فالإشراك بالله عز وجل، قال الله عز وجل: إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ [النساء: ٤٨]،

وأما الديوان الذي لا يعبأ الله به شيئاً قط: فظلم العبد نفسه فيما بينه وبين ربه،

وأما الديوان الذي لا يترك الله منه شيئاً: فمظالم العباد بينهم، القصاص لا محالة)) (١).

وشروط التوبة كما ذكرها العلماء:

- أن يقلع عن الذنب، بأن يتركه نهائياً.

- وأن يندم على ما قد مضى.

- وأن يعزم في المستقبل على ألا يعود إليه.

- وإذا كان الأمر يتعلق بحقوق الآدميين، سواء بأموالهم أو أعراضهم أو أبدانهم فعليه أن يطلب المسامحة ممن له عليه حق، أو يؤدي الحقوق إلى أهلها.

قال ابن القيم: (والظلم عند الله عز وجل يوم القيامة له

دواوين ثلاثة: ديوان لا يغفر الله منه شيئاً، وهو الشرك به، فإن الله لا يغفر أن يُشْرَك به. وديوان لا يترك الله تعالى منه شيئاً، وهو ظلم العباد بعضهم بعضاً، فإن الله تعالى يستوفيه كله. وديوان لا يعبأ الله به شيئاً، وهو ظلم العبد نفسه بينه

وبين ربه عز وجل، فإن هذا الديوان أخف الدواوين وأسرعها محواً، فإنه يُمحى بالتوبة والاستغفار، والحسنات الماحية، والمصائب المكفرة، ونحو ذلك. بخلاف

ديوان الشرك؛ فإنه لا يُمحى إلا بالتوحيد. وديوان المظالم لا يُمحى إلا بالخروج منها إلى أربابها واستحلالهم منها) (٢).


(١) رواه أحمد (٦/ ٢٤٠) (٢٦٠٧٣)، والحاكم (٤/ ٦١٩)، والبيهقي في ((الشعب)) (٩/ ٥٤٠). قال الهيثمي في ((المجمع)) (١٠/ ٣٥١):فيه صدقة بن موسى، وقد ضعفه الجمهور، وقال مسلم بن إبراهيم: حدثنا صدقة بن موسى وكان صدوقا، وبقية رجاله ثقات. وضعفه الألباني في ((صحيح الجامع)) (٣٠٢٢).
(٢) ((الوابل الصيب)) لابن القيم (١/ ٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>