للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[آثار العجب]

للعجب آثار وأضرار سيئة على العبد قد تقوده إلى الهلكة من حيث لا يشعر, ومن تلك الأضرار:

١. أنه يدعو إلى الكبر لأنه أحد أسبابه. قَالَ الْإِمَامُ الْحَافِظُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: اعْلَمْ أَنَّ مِنْ أَسْبَابِ الْكِبْرِ الْعُجْبَ، فَإِنَّ مَنْ أُعْجِبَ بِشَيْءٍ تَكَبَّرَ بِهِ (١).

وقال المحاسبي: (إن أول بدوِّ الكبر العجب, فمن العجب يكون أكثر الكبر ولا يكاد المعجب أن ينجو من الكبر ... ) (٢).

٢. أنه يتولد عنه الكثير من الأخلاق السيئة والصفات الرديئة كالتيه وازدراء الآخرين, لذا قيل فِي تَعْرِيفِ التِّيهِ: (هُوَ خُلُقٌ مُتَوَلِّدٌ بَيْنَ أَمْرَيْنِ: إعْجَابُهُ بِنَفْسِهِ، وَإِزْرَاؤُهُ بِغَيْرِهِ، فَيَتَوَلَّدُ مِنْ بَيْنِ هَذَيْنِ التِّيهُ) (٣)

٣. يدعو إلى إهمال الذنوب ونسيانها فلا يحدث العبد بعد ذلك توبة.

قال المحاسبي: (يجمع العجب خصالاً شتى: يعمى عليه كثير من ذنوبه وينسى مما لم يعم عليه منها أكثرها, وما ذكر منها كان له مستصغراً, وتعمى عليه أخطاؤه وقوله بغير الحق) (٤).

٤. يجعل العبد يستعظم أعماله وطاعاته ويمن على الله بفعلها.

٥. يدعو العبد إلى الاغترار بنفسه وبرأيه ويأمن مكر الله وعذابه ويظن أنه عند الله بمكان ولا يسمع نصح ناصح ولا وعظ واعظ.

٦. يمنعه عن سؤال أهل العلم.

٧. يفتره عن السعي لظنه أنه قد فاز, وأنه قد استغنى وهو الهلاك الصريح (٥).

٨. يخفي المحاسن ويظهر المساوئ ويكسب المذام ويصد عن الفضائل (٦).

٩. يحبط العمل, ويفسده, ويذهب به. يقول النووي رحمه الله: اعلم أن الإخلاص قد يعرض له آفة العُجب، فمن أعجب بعمله حبط عمله، وكذلك من استكبر حبط عمله (٧).

ويقول ابن القيم رحمه الله تعالى: (لا شيء أفسد للأعمال من العجب ورؤية النفس) (٨).

١٠. يدعو العبد إلى المن بما يقدم من معروف, وإلى تعظيم ما يسدي من خير قال المحاسبي: (ويخرجه المن بمعروفه وصدقته. لأنه عظم عنده ما تصدق به أو تفضل به وينسى منة الله عز وجل عليه, وأنه مضيع لشكره على ذلك, فمن بما اصطنع من معروفه فحبط أجره, كما قال الله عز وجل: (لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى) (٩).

١١. طريق إلى خذلان المرء بحيث يكل الله العبد إلى نفسه فلا ينصره, وقد قال جل وعلا: قال الله تبارك وتعالى: لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ [التوبة: ٢٥] (١٠).

١٢. من اتصف به ساءت عاقبته في الدنيا والآخرة (١١).


(١) ((غذاء الألباب شرح منظومة الآداب)) (٢/ ١٧٤).
(٢) ((الرعاية في حقوق الله)) (ص: ٣٧١).
(٣) ((غذاء الألباب شرح منظومة الآداب)) (٢/ ١٧٤).
(٤) ((الرعاية في حقوق الله)) (ص: ٣٣٧).
(٥) ((البحر الرائق في الزهد والرقائق بتصرف)) (ص: ١٥٣).
(٦) ((أدب الدنيا والدين)) (١/ ٢٣٧).
(٧) ((شرح الأربعين النووية)) (ص: ٣٣).
(٨) ((الفوائد)) (ص: ١٥٢).
(٩) ((الرعاية في حقوق الله)) (ص: ٣٣٧).
(١٠) ((شرح الأربعين النووية)) (ص: ٣٣).
(١١) ((موسوعة المناهي الشرعية في صحيح السنة النبوية)) (٣/ ٣٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>