للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ذم الكبر والنهي عنه في القرآن والسنة]

ذم الكِبْرِ والنهي عنه من القرآن الكريم:

ورد ذكر الكبر في القرآن في أكثر من موضع كلها تذمه وتذم المتخلقين به, وتمدح تاركيه, وتبين أنه سبب في هلاك الأمم ودمار القرى:

- فالكبر يعتبر من أول الذنوب التي عصي الله تبارك وتعالى بها, قال الله تعالى مبيناً سبب امتناع إبليس عن السجود لآدم: وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ [البقرة: ٣٤].

قال الإمام الطبري رحمه الله تعالى: (وهذا، وإن كان من الله جل ثناؤه خبرًا عن إبليس، فإنه تقريعٌ لضُربائه من خلق الله الذين يتكبرون عن الخضوع لأمر الله، والانقيادِ لطاعته فيما أمرهم به وفيما نهاهم عنه، والتسليم له فيما أوجب لبعضهم على بعض من الحق) (١).

وقال عوف بن عبد الله للفضل بن المهلب: إني أريد أن أعظك بشيء، إياك والكبر فإنه أول ذنب عصى الله به إبليس، ثم قرأ: وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى وَاسْتَكْبَرَ [البقرة: ٣٤] (٢).

- والكبر سبب رئيس في هلاك الأمم السابقة: فهؤلاء قوم نوح ما منعهم عن قبول الدعوة والاستماع لنداء الفطرة والإيمان إلا الكبر فقد قال الله تعالى على لسان نبيهم نوح عليه السلام: وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا [نوح: ٧].

وهؤلاء قوم عاد ظنوا بسبب تكبرهم أنهم أقوى من في الوجود فقد قال الله عنهم: فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ [فصلت: ١٥ – ١٧].

ويأتي ثمود من بعدهم فينهجون نفس النهج في الاستكبار والتعالي, فيردون دعوة الله عز وجل ويكذبون نبيه عليه السلام: قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ [الأعراف: ٧٥ - ٧٦].

وقال الله تعالى عن قوم نبي الله شعيب عليه السلام: قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ [الأعراف: ٨٨].


(١) ((جامع البيان)) للطبري (١/ ٥١٠).
(٢) ((مفاتيح الغيب)) (٣/ ٦٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>